العولمة تعارض الإسلام وأحكامه

لا تظنوا -يا عباد الله- أن العولمة التي لا يزال الغرب، ولا يزال كثيرٌ ممن يطرحها، ولا يطرحها بكامل أبعادها، نعم هناك من يطرحها في جوانب مشرقة، أو في زوايا مضيئة، أو في أمور فيها منفعة لقد قال الله في الخمر: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة:219] فالخمر المسكرة (أم الخبائث) ربما وُجِد فيها ذرات أو شيء من النفع، فكذلك العولمة لن تكون أمام الناس وأمام من يتناولها شراً محضاً، لكن وإن وجد فيها خير قليل فشرها وفسادها وتدميرها أغلب وأعظم وأطغى، فحري بنا -أيها المسلمون- أن نلتفت لهذه القضية وألا نسلم تحت دعوى العناوين البراقة، والكلمات المضيئة أن العولمة هي أقرب سبيل لنقل التقنية، والعولمة هي أحسن طريقٍ لتدفق رءوس الأموال، وانفتاح التجارة الحرة بين الدول، قولوا كما تقولون في العولمة هذا، قولوا أيضاً: وهي السبيل الذي لا يسمح لأمة مسلمة أن تقول: إن القرآن هو التشريع، وهو السبيل، العولمة التي لا تسمح لأمة مسلمة أن تقول: إن القاتل يقتل، والسارق يقطع، والزاني المحصن يرجم، إن العولمة ترفض هذا كله، فهل يعي المسلمون هذه القضايا؟ هل يعي المسلمون هذه الحقائق؟ إن أكبر تحدٍ في العولمة السياسية ما ضجت به وسائل الغرب وقامت قائمتها وقيامتها، ولم تقعد إلى الآن لا لشيء إلا لأن قنبلة إسلامية نووية قد أثبتت قدرتها، وأثبتت جدواها في تفجير مفاعل نووي وقالت للعالم: كما تملكون قنبلة فنملك أمثالها، وللمجرمين أمثالها.

عجباً للغرب والعولمة! إذا فجر عباد البقر والهندوس قنبلة نووية فذلك أمر لا يحتاج إلى سوى تصريحاتٍ يسيرة قليلة بدعوى تذكير الدول والأمم بعدم التورط في التعمق في أبحاث التسلح النووي، وتذكير الدول والأمم باتفاقيات الحد من انتشار الأسلحة النووية، واليهود الذين يقولون: يد الله مغلولة، والذين يقولون: إن الله فقير؛ غلت أيديهم، والله غنيٌ عنهم وعمن سواهم، واليهود قتلة الأنبياء المستهزئون بالرسل، واليهود الذين لا يألون المسلمين خبالاً منذ وجدوا إلى يومنا هذا، اليهود يحق لهم ويسمح لهم، ولأنهم البنت المدللة والولد اليتيم والضعيف العاجز الذي يقبع ويسكن في سوار أو إطار من الدول التي تخالفه، يحق لذلك المسكين أن يمتلك مئات القنابل النووية، والعشرات من المفاعلات.

أما إذا قامت دولة يقول شعبها: لا إله إلا الله، وامتلكت قنبلة نووية فتلك قضية لا بد أن تبحث، وانتظروا وتذكروا ألوان الضغوط الغربية على هذه البلاد يوم أن قالت: لا.

وفجرت مفاعلها، انتظروا كيف ستعامل بمختلف أنواع الحصار الإعلامي والاقتصادي والفكري بكل أنواعه وسبله ومجالاته وميادينه.

أيها الأحبة في الله: ينبغي أن ندرك تماماً أن الحرب الجديدة ليست كما قلت في الجمع الماضية، ليست حرباً تقودها الدبابة الزاحفة، ولا الطائرة القاذفة، ولا القنبلة المتفجرة، إنما هي حرب الصورة والصوت والكلمة عبر المؤتمر الدولي، وإرغام الكثير من الدول للخضوع في سياسات غربية بحتة، وعبر شبكة الإنترنت، وعبر القنوات الفضائية، وعبر تصوير كثير من المصطلحات حتى لا يبقى لأحد مقولة لكي يرفض ما يريده الغرب، ونحن بكل ثقة وعلى أتم يقين أنه لن يكون للغرب تفرد بقيادة هذا العالم، حتى وإن ملكوا ما ملكوا، وإن وجدوا ما وجدوا، فإن ربك لبالمرصاد، وأموالهم التي يجمعونها وينفقونها لحرب الإسلام: {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:36].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015