المخاطر التي تواجه الأطفال بعد فراق الزوجين

إذاً: إن من أعظم المشاكل ومن أعظم الأخطار التي تواجه النشء بعد فراق زوجي بين أب من هذه البلاد وأم من بلاد بعيدة يواجه هذا النشء ثلاثة أخطار عظيمة: أولها: خطر العقيدة، أن ينشأ في عقيدة فاسدة.

وثانيها: خطر التربية والتعليم فينشأ فاسداً أمياً.

وثالثها: خطر مستقبله إن كان أبوه من الآباء الذين لم يلتفتوا إلى هذه الزوجة بعد فراقها، أو إن لم يكن لأولئك الأولاد من الأولياء من يتابع أمورهم في تلك البلاد البعيدة، يوم ألا يعقبون أمورهم، ويتابعون شأن أولادهم أو شأن أولاد المتوفى بالنسبة لهم، فيحاولون إعادتهم من جديد، فلاهم يكتسبون جنسية تلك البلاد ولا يمنحون جنسية هذه البلاد ما دام الزواج مبنياً على أسس غير سليمة.

والذين يقعون في هذا أكثر وأكثر هم أولئك الذين يتزوجون بغير إذن أو تصريح من السلطات الرسمية، ألا وإن الزواج ولو كان بعد إذن من السلطات الرسمية لمن الأمور التي لا ينبغي أن نحث عليها، وينبغي أن نتجنبها، وأقصد بذلك الزواج من الخارج.

معاشر الأحباب: ينبغي أن ننتبه وأن نقدر هذا الأمر، وأن نعطيه حقه من التفكير والتريث، وأن ننصح كل قريب أو بعيد نعرفه يريد أن يقدم على هذه المهمة، ونبين له أن الأمور لا بد أن يكون لها نتائج وأن هذه النتائج قد تكون سلبياتها ومصائبها وخيمة عليه.

معاشر المسلمين: إن الذين اندفعوا للزواج من الخارج في الغالب هم من كبار السن، تزوجوا بنات صغار يعرضونهن للفتنة، لماذا؟ لعجزهم عن القيام بالحقوق الزوجية كاملة، ويوم أن نعرف عن حالات كثيرة من الخيانات الزوجية والعياذ بالله، من زوجات صغيرات، مع أزواج كبار لا يقومون بحقوقهن ولا يستطيعون إرضاء رغباتهن، نُدرك خطر الزواج من الخارج خطراً عظيماً، ومن الملاحظ إن الذي يتجه للزواج من الخارج بحجة غلاء المهور يقع فيما فر منه وذلك بكثرة السفر والذهاب والإياب عند أدنى مشكلة تُصيب هذه الزوجة، فإذا حملت فلا بد أن يسافر بها قبل أن يرتفع بها حملها إلى الشهر السادس والسابع، فيبقى بعد ذلك مدة أعزباً، ثم إذا أنجب عاد ليُسافر من جديد ليعود بها إلى بلاده، فإن أصاب أهلها مشكلة أو مصيبة سافر بها من جديد إلى بلاده، وهكذا لا شغل له إلا الذهاب والإياب إلى بلادها، ولو فكر ملياً وتزوج من داخل بلاده بامرأة ولو مطلقة أو أم أولادٍ أو بلغت من السن فوق الثلاثين إلى الأربعين، فإنه يهنأ بزوجة في مكانه وفي مستقر عينه وفي مستقر بلاده وبين عينيه لا يفارقها من قريب ولا بعيد.

إذاً: فالذين يتزوجون من الخارج بدون حساب، أولئك لم يقدروا لهذه الأمور قدرها ولم يلتفتوا للعواقب والنتائج، وإن من المصائب التي سمعنا بها وعرفناها حق المعرفة، أن بعض النساء اللاتي تزوج بهن البعض من هنا الذين يحاولون أن يُواقعوا أزواجهم في أمور الصرف والسحر والشعوذة؛ لأنها لا تريد أن يكون زوجها ملتفتاً إلى أم أولاده أو إلى زوجته الأولى، فتحاول صرف حبه ومودته وهوى قلبه، تريد أن تصرف ذلك كله إليها، بعمل أو سحر، أو شعوذة، ولقد عرفت بنفسي أن رجلاً تزوج زوجة كهذه فلم يلبث مدة قليلة إلا أن أخرج أمه وأختاً له مريضة؛ وأبعدها في بيت بعيد عن داره، وبقي لكي يعيش بالسعادة في ظنه هو زوجته هذه الأجنبية، هل بعد هذا صرف، وهل بعد هذا شعوذة؟ رجل يبعد أمه ويبعد أختاً له مريضة لكي يعيش مع هذه الزوجة الأجنبية.

وما ذنب أمه وأخته المريضة، يبعدهما يطردهما بعيداً عن بيته؟ ألا وإنها من أعظم المصائب التي نجهلها ولا نلتفت إليها، ونسأل الله جل وعلا أن يمن على الجميع بالهداية والتوفيق، وأن يرزقنا التفكير والروية والسداد في الأمور؛ لأن الذين لا يفكرون ولا يقدرون، يقعون في مصائب ويُوقعون الجهات والسلطات في مصائب أعظم وبعد ذلك يقعون أمام الأمر الواقع، فمن يا ترى يحل مشاكلهم، أو يكون عوناً لهم نسأل الله جل وعلا أن يمن علينا وعليهم بالهداية ويهدي الجميع إلى ما يحبه ويرضاه.

معاشر المسلمين: ينبغي أن نلتفت إلى هذه المسألة التفاتاً قوياً، ويوم أن نقرأ البيانات والإحصائيات لعدد الذين يتزوجون من هذه البلاد لعدد الذين يتزوجون من الخارج ندرك أن مشكلة العانسات والأيامى والمطلقات، تزداد يوماً بعد يوم، ينبغي أن نلتفت لهذا الأمر عبر ما نستطيعه من وسائل الإعلام، عبر المنابر، عبر جلساتنا ولقاءاتنا، وينبغي أن نلتفت لهذه الأمور التفاتاً عظيماً وأن نُدرك خطورة هذا الأمر إدراكاً حقيقياً؛ لكي ننعم بهذه النعم العظيمة علينا، وأسأل الله جل وعلا ألا يوقع أحدنا في مشكلة كهذه، وأن يمن على الجميع بالسعادة، ألا وإن كل بلاد غنية بأهلها، وبخيراتها وببناتها وبنسائها فما حاجة أحدنا أن يترك بلاده بعيداً، ولا أقول عصبية أو قومية، فالناس أمام الله سواء لا فضل لأبيض على أسود ولا لعربي على عجمي إلا بالتقوى، ولكن إن لكل أمرٍ حلاً وإن الحلول ينبغي أن توجد من داخل البيئة التي تنشأ فيها هذه المشاكل.

أسأل الله جل وعلا أن يمنّ على الجميع بالهداية والتوفيق.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، وأبطل كيد الزنادقة والملحدين.

اللهم من أراد بنا سوءاً فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، اللهم من أراد بولاة أمورنا فتنة، وبعلمائنا مكيدة، وبشبابنا ضلالاً وبنسائنا تبرجاً وسفورا، اللهم اجعل كيدهم في نحورهم، اللهم اجعل تدبيرهم تدميراً عليهم، اللهم أدر عليهم دائرة السوء بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اهدهم لكتابك وسنة نبيك، اللهم اجمع شملهم، اللهم وحد كلمتهم، اللهم ثبت أقدامهم، اللهم لا تشمت بهم حاسداً ولا تفرح عليهم عدواً وأرنا فيهم عزك ونصرك وتأييدك وهدايتك برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم انصر الإسلام والمسلمين والمجاهدين الذين يجاهدون لإعلاء دينك ورفع كلمتك في كل مكان يا أرحم الراحمين، اللهم اختم بالسعادة آجالنا، واقرن بالعافية غدونا وآصالنا، واجعل إلى جنتك مصيرنا ومآلنا، ولا تجعل اللهم إلى النار مثوانا، ولا إليها منقلبنا برحتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعل لنا من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجا، ومن كل بلوى عافية، ومن كل فاحشةٍ أمناً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015