خطر الطلاق لأجل الدعوات والضيافات

أيها الأحبة في الله! إن بعض المسلمين هداهم الله، يجعلون الطلاق ضيافة زوارهم وضيافة أقاربهم، وضيافة القادمين الوافدين إليهم، فإذا وفد إليه قريبٌ أو حبيبٌ من جماعته أو من بلادٍ قريبة، أو من أي مكانٍ من الأماكن، أول ما يحلف بالطلاق ليأكلن ذبيحته، فإذا كان الذي يسمع هذا الكلام فيه شيءٌ من الحمق، أو قد يكون مرتبطاً بأمرٍ من الأمور فلم يوافق على أمره، فإنه عند ذلك قد يجعله متورطاً في أمرٍ كان في غنىً عنه، وإن الكثير الكثير يقعون في هذا، خاصةً من البادية هداهم الله ومنَّ علينا وعليهم بالتوفيق والعلم النافع، تجد الواحد منهم لا يحلف إلا بالطلاق، ولا يهدد إلا بالطلاق، ولا يأمر بأمرٍ إلا وفيه الطلاق، ولا ينهى عن نهيٍ إلا وفيه طلاق، فهذا استهتارٌ بهذه الكلمة، وهذا عدم مبالاةٍ بهذه الكلمة، وهذا إيقاعٌ للأمور في غير مواقعها وهو ظلمٌ، فإن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه.

عباد الله! ذات يومٍ طرق عليّ الباب ثلاثة نفرٍ قبيل صلاة العصر، والصلاة قد حان وقتها، فلم أجد بداً من حديثهم، فقالوا: إنما جئناك لأمرٍ، قلت: ما عندكم؟! قال أولهم: أنا أسكن هنا ودخلي محدود، وهذا أخي قدم علي من الجنوب، والثالث أخونا الأصغر، فقلت لما قدم أخي قال: عليه الحرام أن يأكل ذبائحه، فأجاب القادم الوافد هذا بأن عليه الطلاق ألا يأكل ذبائحه، فحلف ذلك الصغير الذي لم يتزوج بعد وإن كان بالغاً مكلفاً، حلف أن عليه الطلاق أن يتم أخوهم هذا الأمر الذي حرمه الأول على صاحبه، فقلت: يا عجباً! ويا عجباً! من هذا الجهل العظيم بالشريعة، ويا عجباً من هذا الحمق الذي يجعل الإنسان يتورط، ويقطع وشائج وعلاقات أسرٍ عديدة، بكلماتٍ توقع من غير معنى! هذا حلف على نفسه بالحرام والتحريم أمرٌ خطير، والتحريم قد يكون أشد من الطلاق، والآخر حلف على نفسه بالطلاق، وذلك الثالث طلق ولم يتزوج بعد، ولا طلاق إلا لمن أخذ بالساق، لأن الذي طلق ولم يتزوج بعد لم يقع منه طلاقٌ على أية حال، لكن الكلام في هذين الاثنين، الذي لم يجد ضيافةً لأخيه الذي وفد إليه، لم يجد ضيافةً له إلا بالطلاق، وإن بعضاً منهم، وسمعتُ ذلك منهم وممن حدثني به بعضهم، قال: إن الواحد منا إذا وفدت عليه، فلم يحلف بالطلاق على وليمته أو على عزيمته، فإنه يتشكك من جزمك في كرمه، ويرد النظر أو يشك أنك غير صادقٍ فيما أقدمت على إكرامه، فإذا حلفت بالطلاق، فإنه عند ذلك يتيقن أنك جازمٌ على احترامه وإكرامه، فقلت: والله لا حباً ولا كرامة، لمن لا يريد كرامته إلا بالفراق والطلاق!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015