الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا.

(وَلَا) يَضْمَنُ أَيْضًا (خَمْرَ الْمُسْلِمِ وَخِنْزِيرَهُ) بِأَنْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ وَفِي يَدِهِ الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ فَأَتْفَلَهُمَا آخَرُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَالٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ مَا لِلذِّمِّيِّ مِنْ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ حَيْثُ يُضْمَنَانِ بِالْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّهُمَا مَالٌ فِي حَقِّهِ (غَصَبَ خَمْرَ مُسْلِمٍ فَخَلَّلَهَا بِغَيْرِ مُتَقَوِّمٍ) كَالنَّقْلِ مِنْ الظِّلِّ إلَى الشَّمْسِ وَمِنْهَا إلَيْهِ (أَوْ جِلْدَ مَيْتَةٍ قَدْ دَبَغَهُ بِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مُتَقَوِّمٍ كَالتُّرَابِ وَالشَّمْسِ (أَخَذَهُمَا الْمَالِكُ مَجَّانًا) إذْ لَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ لِلْغَاصِبِ، وَكَانَتْ الدِّبَاغَةُ إظْهَارًا لِلْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ فَصَارَتْ كَغَسْلِ الثَّوْبِ، (وَلَوْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَ) لِإِتْلَافِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ (وَلَوْ خَلَّلَهَا بِمُتَقَوِّمٍ كَالْمِلْحِ مَلَكَهُ) أَيْ الْغَاصِبُ الْخَلَّ (وَلَا شَيْءَ) لِلْمَالِكِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ لَمْ يَكُنْ مُتَقَوِّمًا، وَالْمِلْحُ مَثَلًا مُتَقَوِّمٌ فَتَرَجَّحَ جَانِبُ الْغَاصِبِ فَيَكُونُ لَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ (وَلَوْ دَبَغَ بِهِ) أَيْ بِمُتَقَوِّمٍ كَالْقَرَظِ وَالْعَفْصِ وَنَحْوِهِمَا (الْجِلْدَ أَخَذَهُ الْمَالِكُ، وَرَدَّ مَا زَادَ الدَّبْغَ) إذْ بِهَذَا الدِّبَاغِ اتَّصَلَ بِالْجِلْدِ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ لِلْغَاصِبِ كَالصَّبْغِ فِي الثَّوْبِ فَتَرَجَّحَ جَانِبُ الْغَاصِبِ، (وَلَوْ أَتْلَفَهُ لَا يَضْمَنُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ مَالَ الْغَيْرِ (ضَمِنَ بِكَسْرِ مِعْزَفٍ) وَهُوَ آلَةُ اللَّهْوِ كَبَرْبَطٍ وَمِزْمَارٍ وَدُفٍّ وَطَبْلٍ وَطُنْبُورٍ (قِيمَتَهُ صَالِحًا لِغَيْرِ اللَّهْوِ) فَفِي الطُّنْبُورِ يَضْمَنُ الْخَشَبَ الْمَنْحُوتَ وَنَحْوَهُ الْبَوَاقِي (وَ) ضَمِنَ (بِإِرَاقَةِ سُكَّرٍ وَمُنَصَّفٍ) وَقَدْ مَرَّ مَعْنَاهَا فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ (قِيمَتَهُمَا لَا الْمِثْلَ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مَمْنُوعٌ عَنْ تَمَلُّكِ عَيْنِهِمَا وَلَوْ كَانَ فِعْلٌ جَازَ، وَإِنْ أَتْلَفَ صَلِيبَ نَصْرَانِيٍّ ضَمِنَ قِيمَتَهُ صَلِيبًا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ مُقَرٌّ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ التَّعَرُّضُ لَهُ، (وَيَصِحُّ بَيْعُهَا) أَيْ بَيْعُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَقَالَا لَا تُضْمَنُ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا، وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي الدُّفِّ وَالطَّبْلِ اللَّذَيْنِ يُضْرَبَانِ لِلَّهْوِ فَأَمَّا طَبْلُ الْغُزَاةِ وَالدُّفُّ الَّذِي يُبَاحُ ضَرْبُهُ فِي الْعُرْسِ فَيَضْمَنُهُمَا بِالْإِتْلَافِ بِلَا خِلَافٍ لَهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ خَمْرَ الْمُسْلِمِ وَخِنْزِيرَهُ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ لَهَا ذِمِّيًّا، وَكَذَا لَا يَضْمَنُ الزِّقَّ بِشِقِّهِ لِإِرَاقَةِ الْخَمْرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لِلذِّمِّيِّ) فَيَضْمَنُ بِإِتْلَافِ خِنْزِيرِهِ الْقِيمَةَ مُطْلَقًا وَالْخَمْرِ الْمِثْلَ لَوْ الْمُتْلِفُ ذِمِّيًّا وَقِيمَتُهُ لَوْ مُسْلِمًا لَكِنْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ اشْتَرَى مُسْلِمٌ خَمْرًا مِنْ ذِمِّيٍّ فَأَتْلَفَهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ غَصَبَهَا مِنْهُ فَأَتْلَفَهَا يَضْمَنُ ثُمَّ رَقَمَ لِلرَّوْضَةِ وَالْمُحِيطِ وَقَالَ اشْتَرَى خَمْرًا مِنْ ذِمِّيٍّ فَشَرِبَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا ثَمَنَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَتْلَفَهُمَا ضَمِنَ) أَيْ مِثْلَ الْخَلِّ وَقِيمَةَ الْجِلْدِ مَدْبُوغًا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ طَاهِرًا غَيْرَ مَدْبُوغٍ، وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ فِي الْإِيضَاحِ وَالذَّخِيرَةِ قَالَ الْقُدُورِيُّ لَوْ أَنَّ الْغَاصِبَ جَعَلَ هَذَا الْجِلْدَ أَدِيمًا أَوْ وَرَقًا أَوْ دَفْتَرًا أَوْ جِرَابًا أَوْ فَرْوًا لَمْ يَكُنْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ فَإِنْ ذُكِّيَا فَلَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَإِنْ مَيْتَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ خَلَّلَهَا بِمُتَقَوِّمٍ كَالْمِلْحِ مَلَكَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمَالِكِ عَلَيْهِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا مِثْلَ مَا لَوْ تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا فَيَضْمَنُهَا بِالِاسْتِهْلَاكِ اهـ، وَبَقِيَتْ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ التَّخْلِيلِ وَهِيَ مَا لَوْ صَبَّ فِيهَا خَلًّا فَتَخَلَّلَتْ وَاخْتَلَفَ فِيهَا أَيْضًا قَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ لِلْغَاصِبِ بِغَيْرِ شَيْءٍ سَوَاءٌ صَارَتْ خَلًّا مِنْ سَاعَتِهِ أَوْ بِمُرُورِ الْأَيَّامِ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا إنْ بِمُرُورِ الْأَيَّامِ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ كَيْلِهِمَا، وَإِنْ صَارَ خَلًّا مِنْ سَاعَتِهِ كَانَ لِلْغَاصِبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ظَاهِرُ الْجَوَابِ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ كَيْلِهِمَا سَوَاءٌ صَارَتْ مِنْ سَاعَتِهَا أَوْ بَعْدَ حِينٍ خَلًّا عِنْدَ الْكُلِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا عِنْدَ الْكُلِّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ كَالْقَرَظِ) بِفَتْحَتَيْنِ وَالظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَرَقُ السَّلَمِ أَوْ ثَمَرُ السَّنْطِ قَامُوسٌ.

(قَوْلُهُ: أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَرَدَّ مَا زَادَ الدَّبْغَ) وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَتِهِ لَوْ ذُكِّيَا غَيْرَ مَدْبُوغٍ وَإِلَى قِيمَتِهِ مَدْبُوغًا فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا وَلِلْغَاصِبِ حَبْسُهُ كَالْمَبِيعِ، وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ الْقُدُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ إنَّمَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الْجِلْدِ إذَا أَخَذَ الدَّبَّاغُ الْجِلْدَ مِنْ مَنْزِلِهِ فَأَمَّا إذَا أَلْقَى صَاحِبُهُ فِي الطَّرِيقِ فَأَخَذَ رَجُلٌ جِلْدَهَا فَدَبَغَهُ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ الْجِلْدَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَخْذُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَتْلَفَهُ لَا يَضْمَنُ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا (قَوْلُهُ مِعْزَفٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ اسْمُ آلَةٍ لِلَّهْوِ كَالْعُودِ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ (قَوْلُهُ فَفِي الطُّنْبُورِ يَضْمَنُ الْخَشَبَ الْمَنْحُوتَ. . . إلَخْ) كَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ.

وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ خَشَبًا مُخَلَّعًا، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ كَانُوا يَقُولُونَ إنَّ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ أَنْ لَوْ اُشْتُرِيَ لِشَيْءٍ آخَرَ سِوَى اللَّهْوِ كَجَعْلِهِ وِعَاءً لِلْمِلْحِ.

وَقَالَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا صَالِحَةً لِغَيْرِ الْمَعْصِيَةِ فَفِي الدُّفِّ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ دُفًّا يُوضَعُ فِيهِ الْقُطْنُ وَفِي الْبَرْبَطِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ قَصْعَةً يُوضَعُ فِيهَا الثَّرِيدُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ فَعَلَ جَازَ) الْأَوْلَى مِنْهُ قَوْلُ الْعَيْنِيِّ وَإِنْ جَازَ فِعْلُهُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي الدُّفِّ وَالطَّبْلِ. . . إلَخْ)

قَالَ الْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَوْ كَانَ طَبْلَ الْحَاجِّ أَوْ طَبْلَ الصَّيْدِ أَوْ دُفًّا يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَةُ فِي الْبَيْتِ يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015