الْآخِذَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْفَقِيرِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْفَقِيرَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخِذِ (وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ أَشْهَدَ (فَإِنْ) (أَقَرَّ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ (بِأَخْذِهَا لَهُ) نَفْسِهِ (ضَمِنَ وِفَاقًا) إنْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ (وَإِنْ تَصَادَقَا) أَيْ الْمُلْتَقِطُ وَالصَّاحِبُ (عَلَى أَخْذِهَا لِصَاحِبِهَا) (لَمْ يَضْمَنْ وِفَاقًا) لِأَنَّ تَصَادُقَهُمَا حُجَّةٌ فِي حَقِّهِمَا وَصَارَ كَالْبَيِّنَةِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) بِأَنْ قَالَ الْمُلْتَقِطُ أَخَذْتُهَا لَك، وَقَالَ صَاحِبُهَا أَخَذْتُهَا لَك (ضَمِنَ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ (إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) بَلْ الْقَوْلُ لَهُ فِي أَنَّهُ أَخَذَهُ لِلرَّدِّ (وَإِنْ) (لَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُهُ أَوْ وَجَدَ لَكِنَّهُ تَرَكَ لِخَوْفِهِ مِنْ أَخْذِ الظَّالِمِ إيَّاهَا) (قَالُوا لَمْ يَضْمَنْ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (كَذَا الْبَهِيمَةُ) فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ (وَمَا) (أَنْفَقَ) الْمُلْتَقِطُ (عَلَيْهَا) أَيْ الْبَهِيمَةِ (بِلَا إذْنِ الْقَاضِي) (تَبَرُّعٌ وَبِهِ) أَيْ بِإِذْنِهِ (دَيْنٌ عَلَى صَاحِبِهَا) فَإِذَا حَضَرَ يَأْخُذُهُ مِنْهُ الْمُلْتَقِطُ بِحُكْمِ الْقَاضِي (وَآجَرَ الْقَاضِي مَا لَهُ نَفْعٌ) أَيْ يَنْتَفِعُ بِهِ بِالْإِجَارَةِ كَالْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَالثَّوْرِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً بِقَدْرِ مَا يَقَعُ عِنْدَهُ أَنَّ الْمَالِكَ لَوْ كَانَ حَيًّا لَحَضَرَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْقَاءَ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِهِ بِلَا إلْزَامِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي فِي هَذَا الْمَقَامِ وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالْآبِقِ وَلَمْ أَجِدْهُ فِي غَيْرِهِمَا بَلْ وَجَدْتُ فِي الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ وَالْخُلَاصَةِ خِلَافَهُ حَيْثُ قَالُوا لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْآبِقِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْبَقَ، وَلِهَذَا تَرَكْتُهُ (وَمَا لَا نَفْعَ لَهُ) مِنْ الْبَهَائِمِ كَالشَّاةِ وَنَحْوِهَا (أَذِنَ الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَشَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَى صَاحِبِهَا) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ (إنْ كَانَ الْإِنْفَاقُ هُوَ الْأَصْلَحُ وَإِلَّا) أَمَرَ ابْتِدَاءً (بِبَيْعِهَا وَحِفْظِ ثَمَنِهَا) لِأَنَّ النَّفَقَةَ الدَّائِرَةَ مُسْتَأْصَلَةٌ (وَلِلْمُنْفِقِ حَبْسُهَا) أَيْ مَنْعُ الْبَهِيمَةِ عَنْ صَاحِبِهَا (لِأَخْذِ نَفَقَتِهَا) لِأَنَّ إبْقَاءَهَا إلَى الْآنَ كَانَ بِنَفَقَتِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ اسْتَفَادَ الْمِلْكَ مِنْهُ (فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ حَبْسِهِ سَقَطَتْ) ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الرَّهْنِ فَيَهْلَكُ بِمَا حَبَسَهُ بِهِ (وَقَبْلَهُ لَا) إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ حُكْمَ الرَّهْنِ عِنْدَ اخْتِيَارِ الْحَبْسِ (بَيَّنَ مُدَّعِيهَا عَلَامَتَهَا حَلَّ الدَّفْعُ) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَعَرَّفَ عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا فَادْفَعْهَا» وَهَذَا الْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَخْذِهَا لَمْ يَضْمَنْ) أَقُولُ وَكَذَا لَمْ يَضْمَنْ لَوْ أَعَادَ اللُّقَطَةَ إلَى مَوْضِعِهَا الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ بَعْدَمَا أَخَذَهَا لِيُعَرِّفَ وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا لَوْ هَلَكَتْ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهَا صَاحِبُهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالضَّمَانُ عَلَى مُسْتَهْلِكِهَا وَقِيلَ إنَّهُ يَبْرَأُ إذَا رَدَّهَا قَبْلَ تَحَوُّلِهِ مِنْ مَوْضِعِهَا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَبِهِ أَيْ بِإِذْنِهِ) يَعْنِي الْقَاضِي دَيْنٌ عَلَى صَاحِبِهَا أَقُولُ وَبِمُجَرَّدِ إذْنِهِ لَا يَكُونُ دَيْنًا فِي الْأَصَحِّ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُشْتَرَطَ وَيَجْعَلَهُ دَيْنًا عَلَيْهِ كَمَا فِي اللَّقِيطِ، وَلَا يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لُقَطَةٌ عِنْدَهُ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَصْبًا فِي يَدِهِ فَيَحْتَالُ لِإِيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَى صَاحِبِهَا وَهُوَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْمَغْصُوبِ وَهَذِهِ الْبَيِّنَةُ لَيْسَتْ لِلْقَضَاءِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِيَنْكَشِفَ الْحَالُ فَتُقْبَلُ مَعَ غَيْبَةِ صَاحِبِهَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. . . إلَخْ) أَقُولُ التَّقْيِيدُ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفْعٌ لِيَبْقَى دَيْنًا يَسِيرًا عَلَى الْمَالِكِ لَا يَسْتَأْصِلُ اللُّقَطَةَ أَمَّا لَوْ كَانَ فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ غَلَّتِهَا إحْيَاءً لِلدَّابَّةِ وَنَظَرًا لِلْمَالِكِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ دَيْنٌ، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ اهـ لِمَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ، وَإِنْ كَانَ لِلْبَهِيمَةِ نَفْعٌ آجَرَهَا الْقَاضِي وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ غَلَّتِهَا أَيْ أَمَرَ الْمُلْتَقِطَ بِذَلِكَ إحْيَاءً لِلدَّابَّةِ وَنَظَرًا لِلْمَالِكِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ دَيْنٌ، وَكَذَا يَفْعَلُ بِالْآبِقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفْعٌ أَذِنَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لَوْ رَآهُ مَصْلَحَةً بِأَنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ نَفِيسَةً وَالْمُدَّةُ قَرِيبَةً كَيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ مَصْلَحَةً أَوْ أَمَرَ بِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ أَمَرَ بِبَيْعِهَا وَحِفْظِ ثَمَنِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ. . . إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَقُولُ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ ذَا قُوَّةٍ وَمَنَعَةٍ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَمَا فِي غَيْرِهِمَا عَلَى خِلَافِهِ أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَى الْإِيجَارِ مَعَ إعْلَامِ الْمُؤَجِّرِ بِحَالِهِ لِيَحْفَظَ غَايَةَ الْحِفْظِ وَمَا فِي غَيْرِهِمَا عَلَى الْإِيجَارِ مَعَ جَهْلِهِ بِحَالِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ حَبْسِهِ سَقَطَتْ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الرَّهْنِ) هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ صَنَّفَ وَلَيْسَ بِمَذْهَبٍ لِأَحَدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ وَلَا يُسَاعِدُهُ الْوَجْهُ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي التَّقْرِيبِ، قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى اللُّقَطَةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَحَبَسَهَا بِالنَّفَقَةِ فَهَلَكَتْ لَمْ تَسْقُطْ النَّفَقَةُ خِلَافًا لِزُفَرَ؛ لِأَنَّهَا دَيْنٌ غَيْرُ بَدَلٍ عَنْ الْعَيْنِ وَلَا عَنْ عَمَلٍ مِنْهُ فِيهَا وَلَا تَنَاوَلَهَا عَقْدٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَبِهَذَا الْقَيْدِ الْأَخِيرِ خَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِ زُفَرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ هُنَا.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ فِي الْيَنَابِيعِ وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَحَبَسَهَا لِيَأْخُذَ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا فَهَلَكَتْ لَمْ تَسْقُطْ النَّفَقَةُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا خِلَافًا لِزُفَرَ اهـ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ قَاسِمٍ كَذَا بِخَطِّ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيِّ وَكَتَبَ بَعْدَهُ أَقُولُ إنْ خَرَجَ الْجَوَابُ بِمَا ذَكَرَ عَنْ قِيَاسِهِ بِالرَّهْنِ لَا يَخْرُجُ الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِ بِجُعْلِ الْآبِقِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَنَصَّ أَنَّهُ إلَيْهِ أَقْرَبُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَنْ عُلَمَائِنَا فِيهِ رِوَايَةٌ أَوْ اخْتَارَ قَوْلَ زُفَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَتَأَمَّلْهُ ع. اهـ.

(قَوْلُهُ بَيَّنَ مُدَّعِيهَا عَلَامَتَهَا حَلَّ الدَّفْعُ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ قِيلَ بِالْجَبْرِ عَلَى الدَّفْعِ وَعَدَمِهِ أَيْ عَدَمِ الْجَبْرِ وَلَوْ دَفَعَهَا بِعَلَامَةٍ أَوْ تَصْدِيقٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِالْبَيِّنَةِ ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ وَرَجَعَ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015