الصَّوْمَ أَمَّا فِي الْإِفْطَارِ فَلِانْقِطَاعِ التَّتَابُعِ بِالْفِطْرِ وَهُوَ عُذْرٌ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِدُ شَهْرَيْنِ لَا عُذْرَ فِيهِمَا، وَأَمَّا فِي الْوَطْءِ فَلِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَبْلَ التَّمَاسِّ وَمِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِمَا قَبْلَهُ إخْلَاؤُهُمَا عَنْهُ أَمَّا لَوْ وَطِئَ غَيْرَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا نَاسِيًا فَلَا يَضُرُّهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (لَا الْإِطْعَامُ إنْ وَطِئَ فِي خِلَالِهِ) أَيْ إنْ وَطِئَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا فِي خِلَالِ الْإِطْعَامِ لَمْ يَسْتَأْنِفْ لِأَنَّ النَّصَّ فِي الْإِطْعَامِ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِمَا قَبْلَ التَّمَاسِّ وَهُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْإِعْتَاقِ وَالصِّيَامِ.

(وَلَوْ قَدَرَ) الْمُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ (عَلَى الْإِعْتَاقِ فِي آخِرِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ) أَيْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي (لَزِمَهُ) أَيْ الْإِعْتَاقُ وَلَمْ يَصِحَّ تَكْفِيرُهُ بِالصَّوْمِ وَكَانَ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُتِمَّ صَوْمَ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ، وَإِنْ أَفْطَرَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَإِنْ عَجَزَ) أَيْ الْمُكَفِّرُ (عَنْهُ) أَيْ الْإِعْتَاقِ (أَطْعَمَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الظِّهَارِ (هُوَ) أَيْ الْمُظَاهِرُ (أَوْ نَائِبُهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) يَعْنِي أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ عَنْ ظِهَارِهِ فَفَعَلَ أَجْزَأَهُ.

اعْلَمْ أَنَّ مَا شُرِعَ بِلَفْظِ الْإِطْعَامِ، أَوْ الطَّعَامِ يَجُوزُ فِيهِ التَّمْلِيكُ وَالْإِبَاحَةُ وَمَا شُرِعَ بِلَفْظِ الْإِيتَاءِ وَالْآرَاءِ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّمْلِيكُ فَذَكَرَ صُورَةَ التَّمْلِيكِ بِقَوْلِهِ أَطْعَمَ عَنْهُ هُوَ، أَوْ نَائِبُهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا (كُلًّا قَدْرَ الْفِطْرَةِ، أَوْ قِيمَتَهُ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْقِيمَةِ (مِنْ غَيْرِ الْمَنْصُوصَةِ) الْأَشْيَاءُ الْمَنْصُوصَةُ كَالْبُرِّ وَدَقِيقِهِ وَسَوِيقِهِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِهَا كَالْأَرُزِّ وَالْعَدَسِ وَالذُّرَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ رُبُعَ صَاعٍ مِنْ التَّمْرِ إذَا سَاوَى نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ، أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ قِيمَةً لَمْ يُجْزِ دَفْعُهُ بِخِلَافِ الْأَرُزِّ مَثَلًا فَإِنَّ رُبُعَ صَاعٍ مِنْهُ إذَا سَاوَى نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ، أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ قِيمَةً جَازَ دَفْعُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ مُقَرَّرٍ فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْمَنْصُوصَ لَا يَنُوبُ أَخَاهُ (أَوْ) أَطْعَمَ (وَاحِدًا شَهْرَيْنِ) أَيْ أَعْطَى الطَّعَامَ كُلَّهُ مِسْكِينًا وَاحِدًا سِتِّينَ يَوْمًا جَازَ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ خَلَّةِ الْمِسْكِينِ وَرَدُّ جَوْعَتِهِ، وَذَا يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الْأَيَّامِ فَكَانَ هُوَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي كَمِسْكِينٍ آخَرَ لِتَجَدُّدِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ (لَا فِي يَوْمٍ قَدْرَ الشَّهْرَيْنِ إلَّا عَنْ يَوْمِهِ) سَوَاءٌ كَانَ بِدَفْعَةٍ، أَوْ دَفَعَاتٍ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَسْتَوْفِي فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ طَعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَلَمْ يُوجَدْ الْعَدَدُ الْمَفْرُوضُ حَقِيقَةً وَحُكْمًا لِعَدَمِ تَجَدُّدِ الْحَاجَةِ وَذَكَرَ صُورَةَ الْإِبَاحَةِ بِقَوْلِهِ (وَإِذَا أَشْبَعَهُمْ) أَيْ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَإِنْ قَلَّ مَا أَكَلُوا (بِالْغَدَاءِ) وَهُوَ الطَّعَامُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ (وَالْعَشَاءِ) وَهُوَ الطَّعَامُ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ (أَوْ غَدَاءَيْنِ) أَيْ أَشْبَعَهُمْ بِطَعَامٍ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ مَرَّتَيْنِ (أَوْ عَشَاءَيْنِ) أَيْ أَشْبَعَهُمْ بِطَعَامٍ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ عَشَاءٍ وَسَحُورٍ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: طَعَامُ الْإِبَاحَةِ أَكْلَتَانِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ وَالْغَدَاءَانِ يُجْزِئُهُ وَالْعَشَاءَانِ كَذَلِكَ وَالْعَشَاءُ وَالسَّحُورُ كَذَلِكَ، وَأَوْفَقُهَا وَأَعْدَلُهَا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الشِّبَعُ لَا الْمِقْدَارُ وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّمْلِيكِ الْمِقْدَارُ لَا الشِّبَعُ وَالسَّحُورُ قَدْ يَصْلُحُ لِلِاسْتِيفَاءِ فَأُقِيمَ مَقَامَ الْغَدَاءِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْأَكْلَتَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4] وَالْوَاجِبُ فِيهِ الْوَسَطُ وَهُوَ أَكْلَتَانِ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ فِي الْعَادَةِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، وَالْأَقَلَّ مَرَّةٌ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (بِخُبْزِ بُرٍّ فَقَطْ، أَوْ خُبْزِ شَعِيرٍ بِالْإِدَامِ) فَإِنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ حَاجَتَهُ إلَّا

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي النَّهْرِ كَأَنَّهُ عَنَى الْعُرْفِيَّ، وَإِلَّا فَالشَّرْعِيُّ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدَرَ الْمُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ عَلَى الْإِعْتَاقِ. . . إلَخْ) كَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي آخِرِ الْإِطْعَامِ لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَانْقَلَبَ الْإِطْعَامُ نَفْلًا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَفِّرُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْإِعْتَاقِ أَطْعَمَ) الصَّوَابُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَنْهُ إنَّمَا هُوَ لِلصِّيَامِ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ الْإِطْعَامُ إلَّا بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ الصِّيَامِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ الصِّيَامُ إلَّا بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْإِعْتَاقِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُقَالَ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أَيْ عَنْ الصِّيَامِ أَطْعَمَ. . . إلَخْ.

(قَوْلُهُ: سِتِّينَ مِسْكِينًا) لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ جَائِعًا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا بَلْ مُرَاهِقًا فَالشَّبْعَانُ وَغَيْرُ الْمُرَاهِقِ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ اهـ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ فَطِيمًا لَمْ يُجْزِهِ اهـ.

وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ إفَادَةِ مَا يُخَالِفُ الْبَدَائِعَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُرَاهِقًا اهـ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْمِسْكِينِ لِمُطَابَقَةِ لَفْظِ النَّصِّ وَإِلَّا فَالْفَقِيرُ مِثْلُهُ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ. . . إلَخْ) قَيَّدَ بِالْأَمْرِ، إذْ بِغَيْرِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَبِالْإِطْعَامِ، لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْعِتْقِ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يُجْزِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِلثَّانِي وَلَوْ بِجُعْلٍ سَمَّاهُ جَازَ اتِّفَاقًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الرُّجُوعِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ إلَّا إنْ قَالَ لَهُ الْآمِرُ: عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ، وَإِنْ سَكَتَ لَمْ يَرْجِعْ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ خِلَافًا لِلثَّانِي وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ فِي الدَّيْنِ يَرْجِعُ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ كَذَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْمُحِيطِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَسْتَوْفِي فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ طَعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا) هَذَا بِخِلَافِ الْكِسْوَةِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَى فَقِيرًا عَشَرَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ ثَوْبًا جَازَ وَلَا يُشْتَرَطُ مُضِيُّ زَمَانٍ تَتَجَدَّدُ فِيهِ الْحَاجَةُ إلَى الْكِسْوَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا أَشْبَعَهُمْ بِالْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ. . . إلَخْ) يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّحَادُ الْفُقَرَاءِ فِيهِمَا، إذْ لَوْ غَدَّى سِتِّينَ وَعَشَّى سِتِّينَ آخَرِينَ لَمْ يُجْزِ إلَّا أَنْ يُعِيدَ عَلَى أَحَدِ السِّتِّينَ غَدَاءً، أَوْ عَشَاءً كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُمْ فِي الْغَدَاءَيْنِ أَوْ الْعَشَاءَيْنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: وَأَرْفَقُهُمَا وَأَعْدَلُهُمَا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ) أَيْ إذَا كَانَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. (وَأَقُولُ) كَذَلِكَ الْعَشَاءُ وَالسَّحُورُ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015