وُجِدَ. . . إلَخْ

[كتاب الزكاة]

(كِتَابُ الزَّكَاةِ) عَقَّبَ الصَّلَاةَ بِالزَّكَاةِ اقْتِدَاءً بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَقَوْلُهُ {وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] . (هِيَ تَمْلِيكُ بَعْضِ مَالٍ جَزْمًا عَيَّنَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضَ (الشَّارِعُ) قَالَ فِي الْكَنْزِ هِيَ تَمْلِيكُ الْمَالِ مِنْ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ. . . إلَخْ أَقُولُ هَذَا التَّعْرِيفُ يَتَنَاوَلُ مُطْلَقَ الصَّدَقَةِ وَلَا مُخَصِّصَ لَهُ بِالزَّكَاةِ بِخِلَافِ مَا اُخْتِيرَ هَاهُنَا فَإِنَّ قَوْلَهُ عَيَّنَهُ (الشَّارِعُ) يُفِيدُ التَّخْصِيصَ إذْ لَا تَعْيِينَ فِي الصَّدَقَةِ وَأَيْضًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ يَرِدُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا مُلِكَتْ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ مَوْجُودٌ فِيهَا وَلَوْ قَالَ تَمْلِيكُ الْمَالِ عَلَى وَجْهٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لَانْفَصَلَ عَنْهُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ يَجِبُ فِيهَا تَمْلِيكُ الْمَالِ فَقُلْت جَزْمًا لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنَّ مَعْنَاهُ بِلَا احْتِمَالٍ فِي نَفْسِهِ لِغَيْرِ التَّمْلِيكِ كَالْإِبَاحَةِ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ فِي نَفْسِهَا لَا تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَالْإِيتَاءُ كَمَا قَالُوا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ وَلَا يَتَأَدَّى بِالْإِبَاحَةِ حَتَّى لَوْ كَفَلَ يَتِيمًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ نَاوِيًا لِلزَّكَاةِ لَا يُجْزِئُهُ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَلَوْ كَسَاهُ يُجْزِئُهُ لِوُجُودِ التَّمْلِيكِ (لِفَقِيرٍ) مُتَعَلِّقٍ بِالتَّمْلِيكِ (مُسْلِمٍ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ وَلَا مَوْلَاهُ) احْتِرَازٌ عَنْ الْغَنِيِّ وَالْكَافِرِ وَالْهَاشِمِيِّ وَمَوْلَاهُ، فَإِنْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَيْهِمْ مَعَ الْعِلْمِ لَا يَجُوزُ كَمَا سَيَأْتِي (مَعَ قَطْعِ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمَالِكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الدَّفْعِ إلَى فُرُوعِهِ وَإِنْ سَفَلُوا وَأُصُولِهِ وَإِنْ عَلَوْا أَوْ مُكَاتَبِهِ وَدَفْعِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إلَى الْآخَرِ كَمَا سَيَأْتِي (لِلَّهِ تَعَالَى) لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِخْلَاصِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5]

(وَشَرْطُ وُجُوبِهَا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) إذْ لَا تَكْلِيفَ بِدُونِهِمَا (وَالْإِسْلَامُ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُرَادُ وَهُوَ يَعْقِلُ. اهـ. قُلْتُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا مَكَثَ فِي الْمَعْرَكَةِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ حَيًّا وَالْقَوْمُ فِي الْقِتَالِ وَهُوَ يَعْقِلُ أَوْ لَا يَعْقِلُ فَهُوَ شَهِيدٌ وَالِارْتِثَاثُ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا بَعْدَ تَصَرُّمِ الْقِتَالِ. اهـ.

[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

(كِتَابُ الزَّكَاةِ) (قَوْلُهُ: عَقَّبَ الصَّلَاةَ بِالزَّكَاةِ اقْتِدَاءً بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] أَقُولُ وَقُرِنَتْ الزَّكَاةُ بِالصَّلَاةِ فِي اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ آيَةً فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعَاقُبَ بَيْنَهُمَا فِي غَايَةِ الْوَكَادَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَقَدْ فَصَلَ قَاضِي خَانْ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ بِالصَّوْمِ (قَوْلُهُ {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] هَذَا عَامٌّ فَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْخَاصِّ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: هِيَ تَمْلِيكٌ. . . إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الزَّكَاةَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ نَفْسُ الْإِيتَاءِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ؛ لِأَنَّهُمْ يَصِفُونَ الْإِيتَاءَ بِالْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ اسْمٌ لِلْمَالِ الْمُؤَدَّى؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَإِيتَاءُ الْإِيتَاءِ مُحَالٌ وَفِيهِ نَظَرٌ ذَكَرَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا وَقَالَ فِي الْمِعْرَاجِ الْأَصَحُّ أَنَّهَا فِعْلُ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهَا وُصِفَتْ بِالْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ لَا مِنْ صِفَاتِ الْأَعْيَانِ وَالْمُرَادُ بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ إخْرَاجُهَا مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الأنعام: 72] كَذَا فِي الْمَنْشُورِ اهـ.

وَمُنَاسَبَةُ الشَّرْعِيِّ لِلُّغَوِيِّ أَنَّ فِعْلَ الْمُكَلَّفِينَ سَبَبٌ لِلُّغَوِيِّ إذْ بِهِ يَحْصُلُ النَّمَاءُ بِالْإِخْلَافِ مِنْهُ تَعَالَى فِي الدَّارَيْنِ وَالطَّهَارَةُ لِلنَّفْسِ مِنْ دَنَسِ الْبُخْلِ وَالْمُخَالَفَةُ وَالطَّهَارَةُ لِلْمَالِ بِإِخْرَاجِ حَقِّ الْغَيْرِ مِنْهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ الْفَقِيرِ ثُمَّ هِيَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ

(تَنْبِيهٌ) : عَرَّفَهَا الْمُصَنِّفُ شَرْعًا وَلَمْ يَذْكُرْ تَعْرِيفَهَا لُغَةً وَهُوَ بِمَعْنَى الْبَرَكَةِ زَكَتْ الْبُقْعَةُ أَيْ بُورِكَ فِيهَا وَبِمَعْنَى الْمَدْحِ زَكَّى نَفْسَهُ مَدَحَهَا وَبِمَعْنَى الثَّنَاءِ الْجَمِيلِ زَكَّى الشَّاهِدُ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ النِّهَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ هِيَ فِي اللُّغَةِ الطَّهَارَةُ قَدْ {أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] وَالنَّمَاءُ زَكَا الزَّرْعُ إذَا نَمَا وَفِي الِاسْتِشْهَادِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ ثَبَت الزَّكَاءُ بِالْهَمْزِ بِمَعْنَى النَّمَاءِ يُقَالُ زَكَا زَكَاءً فَيَجُوزُ كَوْنُ الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ مِنْهُ لَا مِنْ الزَّكَاةِ بَلْ كَوْنُهُ مِنْهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ عَيْنِ لَفْظِ الزَّكَاةِ فِي مَعْنَى النَّمَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَيْضًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ. . . إلَخْ) وَلَيْسَ بِشَيْءٍ مَا أَجَابَ بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْكَنْزِ بِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ خَرَجَ مَخْرَجَ الشَّرْطِ وَالْإِسْلَامُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي أَخْذِ الْكَفَّارَةِ. اهـ.

فَإِنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ التَّعْرِيفِ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ مِنْ كَوْنِ الْإِسْلَامِ شَرْطًا فِي الزَّكَاةِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْكَفَّارَةِ حَتَّى يَخْرُجَ هَذَا قَالَهُ الْمَقْدِسِيُّ (قَوْلُهُ: لِفَقِيرٍ مُسْلِمٍ) لَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ مَعَ قَبْضِ مُعْتَبَرٍ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ دَفَعَ إلَى صَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ أَوْ مَجْنُونٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ دَفَعَهَا الصَّبِيُّ إلَى أَبِيهِ، كَمَا لَوْ وَضَعَ زَكَاتَهُ عَلَى دُكَّانٍ فَجَاءَ الْفَقِيرُ وَقَبَضَهَا لَا يَجُوزُ فَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَقْبِضَهَا لَهُمَا الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ مَنْ كَانَ مِنْ عِيَالِهِ مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ الْأَجَانِبِ الَّذِينَ يَعُولُونَ وَالْمُلْتَقِطُ يَقْبِضُ لِلَّقِيطِ وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْقَبْضَ بِأَنْ كَانَ لَا يَرْمِي بِهِ وَلَا يُخْدَعُ عَنْهُ يَجُوزُ وَالدَّفْعُ إلَى الْمَعْتُوهِ مُجْزِئٌ كَمَا لَوْ انْتَهَبَهَا الْفُقَرَاءُ مِنْ يَدِ الْمُزَكِّي كَمَا فِي الْفَتْحِ

[شُرُوط وُجُوب الزَّكَاة]

(قَوْلُهُ: وَشَرْطُ وُجُوبِهَا الْعَقْلُ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْجُنُونِ وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ جُنُونُهُ أَصْلِيًّا أَوْ عَارِضِيًّا فَالْأَصْلِيُّ مَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا إذَا أَفَاقَ كَانَ ابْتِدَاءُ حَوْلِهِ مِنْ وَقْتِ الْإِفَاقَةِ كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ، وَأَمَّا الْعَارِضِيُّ، فَإِنْ دَامَ سَنَةً فَهُوَ كَالْأَصْلِيِّ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ يَجِبُ عَلَى مَنْ أَفَاقَ مِنْ الْجُنُونِ بَعْضَ الْحَوْلِ الَّذِي مَلَكَ فِيهِ النِّصَابَ وَلَوْ كَانَ الْجُنُونُ أَصْلِيًّا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقِيلَ يَعْتَبِرُ أَبُو يُوسُفَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015