والصلاة والزكاة والحج والصوم والأحكام.

ولفظة (إنما) للحصر؛ أي: لا يُعتَدُّ بالأعمال بدون النية.

قوله: ((إنما لكلِّ امرئ ما نوى)) قال ابن عبد السلام: الجملة الأولى لبيان ما يُعتَبَر من الأعمال، والثانية لبيان ما يترتَّب عليها، والنية هي القصد، ومحلُّها القلب، ولم يُنقَل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه ولا التابعين ولا الأئمة الأربعة، قول: نويت أتوضأ، ونويت أصلي، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، وقد قال الله - تعالى -: {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحجرات: 16] .

ووجه إدخال هذا الحديث في كتاب الطهارة الإشارة إلى أنها لا تصحُّ إلا بالنية.

قوله: ((فمَن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)) ؛ أي: مَن كانت هجرته إلى الله ورسوله نيةً وقصدًا فهجرته إلى الله ورسوله حكمًا وشرعًا.

و (الهجرة) : الانتقال من دار الكفر إلى دار الإيمان، وفي الحديث الصحيح: ((المسلم مَن سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر مَن هَجَر ما نهى الله عنه)) .

قوله: ((مَن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) ، قال الحافظ العسقلاني - رحمه الله تعالى -: مَن نوى بهجرته مفارقةَ دار الكفر وتزوُّج المرأة معًا فلا تكون قبيحة ولا غير صحيحة، بل هي ناقصة بالنسبة إلى مَن كانت هجرته خالصة.

وقال ابن دقيق العيد: نقلوا أن رجلاً هاجَر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة، وإنما هاجر ليتزوج امرأةً تسمى أم قيس، فلهذا خصَّ في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما ينوي به، قال ابن مسعود: فكنَّا نسمِّيه مهاجر أمِّ قيس، والله أعلم.

* * *

الحديث الثاني

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يقبل الله صلاةَ أحدكم إذا أحدث حتى يتوضَّأ)) .

(الحَدَث) : هو الخارج من أحد السبيلين.

والحديث يدلُّ على بطلان الصلاة بالحدث، وأنها لا تصحُّ إلا من متطهِّر، وعلى أن الوضوء لا يجب لكلِّ صلاة ولكنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015