العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا)) قال ابن بطال: حكمة النهي أن المرء لا يعلم ما يؤول إليه الأمر، وهو نظير سؤال العافية من الفتن، وقد قال الصديق: لأن أُعافَى فأشكر أحبُّ إليَّ من أن أُبتَلي فأصبر، اهـ.

وكان عليٌّ يقول: "لا تدع إلى المبارزة فإذا دعيت فأجب تنصر، لأن الداعي باغٍ".

قوله: ((واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف)) قال القرطبي: هو من الكلام النفيس الجامع الموجز المشتمِل على ضروب من البلاغة مع الوجازة وعذوبة اللفظ، فإنه أفاد الحض على الجهاد، والإخبار بالثواب عليه، والحض على مقاربة العدوِّ واستعمال السيوف، والاجتماع حين الزحف حتى تصير السيوف تظل المتقاتلين.

قوله: ((اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم)) قال الحافظ: فيه التنبيه على عظم هذه النعم الثلاث؛ فإن بإنزال الكتاب حصلت النعمة الأخروية وهي الإسلام، وبإجراء السحاب حصلت النعمة الدنيوية وهي الرزق، وبهزيمة الأحزاب حصل حفظ النعم وكأنه قال: اللهم كما أنعمت بعظيم النعمتين الأخروية والدنيوية وحفظتهما فأبقهما.

وفي الحديث استحباب الدعاء عند اللقاء والاستنصار ووصية المقاتلين بما فيه صلاح أمرهم، وتعليمهم بما يحتاجون إليه، وسؤال الله - تعالى - بصفاته الحسنى وبنعمه السالفة، ومراعاة نشاط النفوس لفعل الطاعة والحث على سلوك الأدب، وغير ذلك، اهـ، والله أعلم.

* * *

الحديث الثاني

عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم في الجنة خيرٌ من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها)) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015