يقول في مدارج السالكين الجزء الأول صفحة ستة وتسعين وأربعمائة 1/496 القاعدة الثالثة، إذا أشكل على الناظر أو على السالك حكم شيء هل هو الإباحة أو التحريم فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته، فإن كان مشتملاً على مفسدة راجحة ظاهرة فإنه يستحيل على الشارع الأمر به أو إباحته، بل العلم بتحريمه من شرعه قطعي لا سيما إذا كان طريقاً مفضياً إلى ما يغضب الله جل وعلا ورسوله - صلى الله عليه وسلم - موصلاً إليه عن قرب وهو رفعه له ورائد له وبريد له، فهذا لا يشك في تحريمه أولو البصائر فكيف بظنه بالحكم الخبير إن يحرم مثل رأس الإبرة من المسكر لأنه يسوق النفس إلى السكر، التي يسوقها إلى المحرمات ثم يبيح ما هو أعظم منه سوقاً للنفوس إلى الحرام بكثير، لا يمكن في حكمة ربنا أن يحرم قليل الخمر لأنه يسوق إلى السكر الذي يترتب عليه فعل المحرمات ثم يبيح الله سماع الغناء والمعازف التي هي أعظم سوقاً للنفس إلى المحرمات من الخمر بكثير، فإن الغناء هو رقية الزنا، وقد شاهد الناس إنه ما عاناه صبي إلا فسد ولا امرأة إلا وبغت، ولا شاب إلا، وإلا، ولا شيخ إلا وإلا، والعيان من ذلك يفتى عن البرهان، ولا سيما إذا جمع ـ أي الغناء ـ هيئة تحدوا النفوس أعظم جدو إلى المعصية والفجور ـ يعني كان المغني بصورة حسنة بأن يكون على الوجه الذي ينبغي لا من المكان وإلا مكان والعشراء والأخوان، وآلات المعازف من والدف والأوتار والعيدان وكان القوال شادن شجي الصوت لطيف الشمائل من المردان ذو النسوان وكان القول في العشق والوصال والصد والهجران.

وقال في الإغاثة صفحة سبعة وأربعين ومائتين صـ247 كم من حرة صارت بالغناء من البغايا وكم من حر أصبح به عبداً للصبيات وللصبايا، وإذا اجتمع إلى هذه الرقية، وهي الغناء ـ الدف والشبابة والرقص بالتخنث والتكسر فلو حبلت المرأة من غناء من غير جماع لحبلت من هذا الغناء، لما يؤثر فيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015