وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، خاتم الأنبياء وسيد الأصفياء، وصفوة الأولياء، وإمام العلماء، وأكرم من مشى تحت أديم السماء، صل اللهم وسلم وبارك عليه في كل ساعة ولحظة وحين على دوام الأبد ما لا يدخل تحت الحصر والعدد ولا ينقطع عنه المدد، وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين، والصحابة الكرام الميامين، والتابعين لهم بأحسن إلى يوم الدين، صلاتا وسلاما تامين لا يعتريها انصرام، دائمين بإحسان على ممر الدهور والأيام. وبعد فإن الله سبحانه وتعالى بعث نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - بجوامع الكلم وحواصر الفهم ـ واتاه ـ دون خلقه كنوز الحكم ففي الصحيحين عن أبى هريرة - رضي الله عنه - بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ((بعثت بجوامع الكلم)) فأبان الله به الحق للأمة، وكشف عنها ستر الغمة، وصانها من الزلة، ووقاها من النقمة، وحض عبادة المؤمنين سبحانه وتعالى على النفير للنفقة والتبصر في الدين فقال جل من قائل ((فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)) (?) ووجههم إلى إنذار بريته، كما ندب إلى ذلك أهل رسالته، ومنحهم ميراث أهل نبوته، ورضيهم للقيام بحجته، ولنيابة عنه في الإخبار بشريعته واختصهم من عبادة بخشيته فقال تبارك وتعالى ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)) (?) ثم أمر جميع الخلق بسؤالهم والرجوع إلى أقوالهم وجعل علامة زيغهم وضلالهم ذهاب علمائهم وتنصيبهم الرؤوس عليهم من جهالهم فقال عليه الصلاة والسلام ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015