بالمنصور، وكان رجلا كثير المعرفة والدهاء، وافر الحزم والسياسة، توفي سنة 437 هـ، فخلفه محمد بن عبد الله بن أفطس، وتلقب بالمظفر، وكان عالماً وفارساً شجاعاً، وكان يرى في بني عباد - حكام إشبيلية - خصومه الأوائل، ويعمل لاتقاء عدوانهم، واستطاع ابن الأفطس أن يوقع بالمعتضد بن عباد هزيمة شديدة سنة 439 هـ. ثم جهز المعتضد قوة كبيرة وتوغلت في أراضي ابن الأفطس، والتقى الفريقان على مقربة من يابرة، فهزم ابن الأفطس سنة 442 هـ، وقتل كثير من جنده، واستمرت الحرب عدة شهور ثم عقد الصلح بينهما سنة 443 هـ.

وأخذ المظفر يتعرض لخطر جديد، وذلك من قبل نصارى الشمال، الذين أخذوا يتحينون الفرص ويستولون على بعض المدن، وكان أعظم خطب نزل بالمسلمين هو فقد مدينة قلمرية، أعظم مدن البرتغال الشمالية، وذلك سنة 456 هـ، وتوفي المظفر بن الأفطس سنة 461 هـ 1.

وقد كان المظفر من أعلم أهل عصره، وكان رأسًا في الأدب والشجاعة والرأي، وكان مناغراً للروم، شجىً في حلوقهم. وكان مع استغراقه في الجهاد لا يفتر عن العلم، ولا يترك العدل، صنع مدرسة يجلس فيها كل جمعة ويحضره العلماء. وقد اشتهر في عالم الأدب بكتابه الضخم الموسوم بالمظفري، نسبه إلى اسمه, وهو موسوعة أدبية وتاريخية عظيمة, على هيئة عيون الأخبار لابن قتيبة, يحتوي على كثير من الأخبار والسير الطرائف والنوادر…وقيل: إن المظفري كان يحتوي على خمسين مجلدا، وقيل عشرة أجزاء ضخمة 2.

اسمه ونسبه:

هو خطّاب بن يوسف بن هلال المارديّ، من أهل قرطبة، وسكن بطليوس، يكنى أبا بكر 3.

وذكر بعضهم في نسبه أيضاً "المالكي" 4. وأعتقد أن خطّاباً كان مالكي المذهب، وإن لم أجد له ترجمة في طبقات المالكية، إذ كان مذهب الإمام مالك منتشراً في الأندلس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015