ونسخ الكل وقال: «لو كان موسى حَيّاً ما وسعه إلا اتباعي» (?) وما كان يمكن عيسى - صلى الله عليه وسلم - أن يقول هذا في حق موسى - صلى الله عليه وسلم - , وأما نوح عليه الصلاة والسلام فإنه لم يكن في زمنه نبي يدعو إلى شريعته (?) , وقد أشرنا إلى هذا فيما تقدم.

قلت: ولو قيل: إن كل نبي من الأنبياء المبعوثين إلى أممهم خاصّة أن تخصيصهم هذا (هو) (?) أنهم لا يدعون غير من أرسلوا إليه , فإن طَرَى على أحد منهم طار من غير أمته واستفتاه فإنما يُفتيه بشريعته لا شريعة المستفتى فإن هذا لا مانع منه , وإذا عمل هذا المستفتي بما أفتاه هذا المفتي لم يكن ضالّاً ولا معاقباً بمتابعة هذا النبي الآخر , فإن أصل دين الأنبياء جميعهم شيء واحد , فالأميّ إذا قلّد العالم في شيء جاز فكيف بتقليد النبي المعصوم عند الحاجة؛ وقريب من هذا المعنى في هذه الأمّة المحمّديّة الجامعة لكل خير , المعصومة من الاجتماع على ضلالة , لو سأل حنبليُّها شافعيَّها أو مالكيُّها حنفيَّها ونحو ذلك عن أمرٍ فأفتاه ذلك العالم بما هو مذهبه فعمل السائل بقوله لم يأثم ولم يكن ضالّاً بسؤال من ليس على مذهبه مع اتفاق أصل الدين , ومع ذلك لا يجوز لهذا المفتي أن يَدعُوَ الناسَ إلى مذهبه ومفارقة مذاهبهم ونحو ذلك مثلاً إذا سكن رجل من بغداد في مصرَ أو غيرها واحتاج إلى شيء من الأمور الشرعيّة كالعقود والفسوخ وإقامة الحدود ونحو ذلك فإنه يكون تحت حكم قضاتها وولاتها يقضون فيما يوافق مذاهبهم و (إن) (?) كانت خلاف مذهبه ويلزمه قبول ذلك والتزامه , ولا يتوقف الحال

على أن ينهى (?) ذلك إلى حكام (?) بلده لأن أصل الدين واحد والملّة واحدة والخلاف في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015