يَنشَأ الصغير على ما كان والده (?) إن العروق عَليها يَنبُت الشّجر

وقال محمد - صلى الله عليه وسلم -[ق 54/ظ]: «المرء على دين خليله فانظر من يخالل» (?) ولكن العجب من محمد - صلى الله عليه وسلم - (الذي) (?) نشأ بين أهل (?) الكفر , وتربّى بين عبدة الأوثان , ونشأ عِندَ جاهلية جهلاء , لا يرون ديناً غير عبادة الأصنام , ولا يعرفون غير ذلك , فغلبت العناية الإلهيّة والتّربية الربانيّة على تأثير الجليس السّوء في المجالس , حتى غلبت رائحة مسك الجليس الصّالح على شرر نافح كير الكفر فأطفأه , وطفا نورُ الإيمان ورَسا , وطَفِئَ جَمْر الشرك ورسَب , فكان إذا مرّ بمكان فيه شيء من أوثانهم أعرض وعرج (?) عنه , وأُلهِمَ من صغره التوحيدَ وبُغضَ الأصنام وما كان عليه المشركون (?)؛ فهذا أعظم من حال يحيى عليه الصلاة والسلام , فإنه نشأ بين أبويه يتأدّب بأدبهما , ويأخذ عبادة ربّه عنهما , ولم يكن له جليس إلا أهلُ الزّهد والعبادة , (و) (?) فرق عظيم بين من أوتي الحكمة وهو في حجر النّبوّة وكنف أهل العلم والدّين وبين من أوتيها وهو بين أهلِ (?) الكفر والإشراك وعدم من يوحّدُ الله تعالى ويعبده.

فإن قيل: فقد أثنى الله على يحيى - عليه السلام - بقوله: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: من الآية 39] والحصور الذي لا يأتي النّساء , قيل: إنّ يحيى - عليه السلام - كان منفرداً بمراعاة شأنه , وكان محمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً إلى الخلق كافّة ليَقُودَهم وَيَحُوشَهُم إلى الله - عز وجل - قولاً وفعلاً , فأظهر الله تعالى به الأحوال المختلفة , والمقامات العالية المتفاوتة في متصرّفاته , ليقتدي كل الخلق بأفعاله ويتشبّه بأوصافه , فاقتدى به الصّدّيقون في حالاتهم ,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015