الفقيه الطرطوشي

هو أبو بكر بن أبي محمد الفهري المعروف بالطرشوشي كبير الشان، جليل المقدار والميزان، سكن مصر وانتفع به الفقهاء وتفقهوا عليه، وشدت رواحل الطلبة إليه، ورشدت لديه. حكي أنه سعى بولده الى القصبة المصرية، فخرج أمرها بنفيه الى الاسكندرية، وطالت عليه غيبته واشتدت لوعته فكتب إليه بهذه الرسالة وليس فيها من شعره إلا القصيدة التي ختمها بها، أولها: جُرَعُ الفراق شراب الأحبة والأصفياء، وغصص النأي والبعاد كؤوس أهل المودة والوفاء، كأس وأي كأس، تزعج الأرواح، وتضني الأشباح، كأس أمر من المنون، وأدهى من الحرب الزبون:

يقولون ثَكْلاً ومن لم يذقْ ... فراق الأحبة لم يثكل

لقد جرعتني لياي الفراق ... كؤوساً أمرّ من الحنظل

فيا ليلة الوصل عودي لنا ... كما كنت في الزمن الأول

ومنها: يا بني، فارقتكم على حكم الأقدار، ونأيت عنكم بسبب الاضطرار:

وما كان تركي للأحبة عن قلى ... ولكنه حكم تناهى وأقدار

أراع لذكر البين في كل حالة ... كأنّ صروف البين عندي لها ثار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015