عن عمران بن حصين (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــ

= أنهم لا يقدرون على ذلك أصلا، وتعترفون بذلك، (أو أرادني برحمة) صحة وعافية وخير: {هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} 1 أي أنتم تعلمون أنهم لا يستطيعون شيئا من الأمر، وتعترفون أنهم لا يقدرون على شيء من ذلك، فإذا علمتم أنهم لا يقدرون على ذلك فلم تعلقون عليهم من دون الله، (قل) يا محمد (حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون) أي الله كافي من توكل عليه، والتوكل التفويض والاعتماد، فإذا كانت آلهتهم التي يدعون من دون الله لا قدرة لها على كشف ضر أراده الله بعبده، أو إمساك رحمة أنزلها على عبده، فيلزمهم بذلك أن يكون الله سبحانه وتعالى هو معبودهم وحده المفوض إليه جميع أمورهم، لزوما لا محيد لهم عنه.

وهذا في القرآن كثير يقيم تعالى الحجة على المشركين بما يبطل شركهم بالله، وتسويتهم غيره به في العبادة، بضرب الأمثال وغير ذلك مما يعلمون به أن ذلك لله وحده، ويقرون به على ما يجحدونه من عبادته وحده، هذا وهم إنما كانوا يدعونها على معنى أنها وسائط وشفعاء عند الله: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} 2 لا على أنهم يكشفون الضر، ويجيبون دعاء المضطر، كما قال تعالى: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} 3. قال مقاتل: سألهم النبي صلى الله عليه وسلم فسكتوا؛ لأنهم لا يعتقدون ذلك فيها، وإذا كان ذلك كذلك بطلت عبادتهم الآلهة مع الله، وإذا بطلت فلبس الحلقة والخيط ونحوهما كذلك. والمصنف -رحمه الله- استدل بالآية النازلة في الأكبر على الأصغر، كما استدل بها ابن عباس وحذيفة وغيرهما، وهذه الآية وأمثالها تبطل تعلق القلب بغير الله في جلب نفع، أو دفع ضر وأن ذلك لا يكون إلا بالله وحده، وأن جميع أنواع العبادة لا يصلح منها شيء لغير الله، كما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وكذلك لا يصلح شيء من أنواع التعلقات بغير الله عز وجل.

(1) رضي الله عنه ابن عبيد بن خلف الخزاعي صحابي ابن صحابي أسلم عام خيبر، وغزا عدة غزوات، وكان صاحب راية خزاعة يوم الفتح، وقال الطبراني: =

طور بواسطة نورين ميديا © 2015