. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

= يتناول كل مدعو من دون الله. قال ابن عباس: " كان أهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا "، والذين هم يدعون: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} 1 أي يتبارون في طلب القرب، فيطلبون القرب من الله بالإخلاص له، وطاعته فيما أمرهم به، وترك ما نهاهم عنه. وقال ابن عطية: أخبر تعالى أن هؤلاء المعبودين يطلبون التقرب إلى الله، والتزلف إليه، فـ (أيهم) مبتدأ وخبره (أقرب) و (أولئك) يراد بهم المعبودون، وهو مبتدأ، وخبره (يبتغون) ، والضمير في (يدعون) للكفار، وفي (يبتغون) للمعبودين، و (الوسيلة) ما يتقرب به، وتوسل إلى الله عمل عملا تقرب به إليه، ولما أعد الله لأوليائه الكرامة، جعل لذلك وسيلة، وهي عبادة الله بامتثال ما أمر به، وأعظم القرب التوحيد الذي بعث الله به رسله، وهو الذي يقربهم إلى الله أي إلى عفوه ورضاه، ووصف ذلك بقوله: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} 2 فلا يرجون أحدا سواه، ولا يخافون غيره. قال شيخ الإسلام: ((فالآية خطاب لكل من دعا من دون الله مدعوا، وذلك المدعو يبتغي إلى الله الوسيلة، ويرجو رحمته ويخاف عذابه، فكل من دعا ميتا أو غائبا من الأنبياء والصالحين، سواء كان بلفظ الاستغاثة أو غيرها، فقد تناولته هذه الآية كما تتناول من دعا الملائكة والجن، فقد نهى الله عن دعائهم، وبين أنهم لا يملكون كشف الضر عن الداعين ولا تحويله، لا يرفعونه بالكلية، ولا يحولونه من موضع إلى موضع آخر كتغيير صفته أو قدره، ولهذا قال: (ولا تحويلا) فذكر نكرة تعم أنواع التحويل، فكل من دعا ميتا أو غائبا من الأنبياء والصالحين، أو دعا الملائكة فقد دعا من لا يغيثه، ولا يملك كشف الضر عنه ولا تحويله)) اهـ.

فإذا كان دعاء الأولياء والصالحين شركا، عرفنا أن التوحيد هو دعاء الله وحده لا شريك له، فكان في هذه الآية تفسير التوحيد، وأنها دلت على أن دعوة الله وحده هي التوحيد، وهذا وجه مطابقة الآية للترجمة، وهو تفسير الشيء بضده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015