وقوله: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} 1 (1) . قال ابن القيم في الآية الأولى (2) : فسر هذا الظن بأنه – سبحانه - لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل (3) ، وأن ما أصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته (4) ، ففسر بإنكار الحكمة (5) .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي على الذين يتهمون الله في حكمه، ويظنون بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن لا ينصروا على أعدائهم، وأن يقتلوا ويذهبوا بالكلية، دائرة العذاب تدور عليهم: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} 2 وأبعدهم وأقصاهم من رحمته: {وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ} 3 يصلونها يوم القيامة، وساءت منزلا يصيرون إليه يوم القيامة.

(2) أي على ما تضمنته وقعة أحد: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} 4 الآية.

(3) أي يذهب ويتلاشى، حتى لا يبقى له أثر، والاضمحلال ذهاب الشيء جملة، وهذا تفسير غير واحد من المفسرين، وهو مأخوذ من تفسير قتادة والسدي وغيرهما، ذكره ابن جرير وغيره.

(4) ذكره القرطبي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وذلك أنهم تكلموا فيه فقال الله: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} 5 يعني القدر خيره وشره من الله.

(5) فإن من أنكر أن ذلك لم يكن لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد والشكر فقد ظن بالله ظن السوء، ومنها قوله: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ} 6 أي يختبر ما فيها من الإيمان: {وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} 7 أن ينقيها فلو تركت في عافية دائمة لم تخلص من ميل النفوس، وحكم العادات، واستيلاء الغفلة، فاقتضت حكمة الله أن قيض لها من المحن ما يكون كالدواء الكريه لمن عرض له داء إن لم يتدارك خيف عليه من الهلاك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015