. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

= بالحرص على النافع، والاستعانة بالله، والأمر يقتضي الوجوب وإلا فالاستحباب، ونهي عن العجز، وقال: " إن الله يلوم على العجز "1. فعلى العبد أن يستقبل فعله الذي يدفع به أو يخفف، ولا يتمنى ما لا مطمع في وقوعه، فإنه عجز محض، والله يلوم على العجز، ويحب الكيس ويأمر به، والكيس هو مباشرة الأسباب التي ربط الله بها مسبباتها، النافعة للعبد في معاشه ومعاده.

وورد الأمر بالصبر والنهي عن العجز في مواضع كثيرة من الكتاب والسنة؛ وذلك لأن الإنسان بين أمرين: أمر أمر بفعله، فعليه أن يفعله ويحرص عليه، ويستعين الله ولا يعجز، وأمر أصيب به من غير فعله، فعليه أن يصبر عليه ولا يجزع منه.

قال: والصبر واجب، والرضى درجة عالية، والإيمان بالقدر فرض، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} 2. وليس العبد مأمورا أن ينظر إلى القدر عندما يؤمر به من الأفعال، ولكن عندما يجري عليه من المصائب التي لا حيلة له في دفعها، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} 3. قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم. ولما قال آدم لموسى: أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن أخلق بأربعين سنة. حاجه لأن موسى قال له: لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة فلامه على المصيبة التي حصلت بسبب فعله، لا لأجل كونها ذنبا، وأما كونه لأجل الذنب فليس مرادا له؛ فإن آدم قد تاب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولا يجوز لومه بالاتفاق. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك "4. ونحو ذلك فمستقبل، لا اعتراض فيه على قدر ولا كراهة فيه; لأنه إنما أخبر عن مراده فيما كان يفعل لولا المانع، وكذلك قوله: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي "5. ونحوه فهو إخبار لهم عما كان يفعل في المستقبل لو حصل، ولا خلاف في جواز ذلك، وإنما ينهى عما هو في معارضة القدر، أو مع اعتقاد أن ذلك المانع لو ارتفع لوقع خلاف المقدور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015