ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي (1) ، وليقل فتاي وفتاتي وغلامي (2) "1

ـــــــــــــــــــــــــــــ

= وأن منهم من حذفها. وقال عياض: حذفها أصح، وقال الشارح: الجمع ممكن بحمل النهي على الكراهة، أو على خلاف الأولى. وقال النحاس: لا نعلم بين العلماء خلافا أنه لا ينبغي لأحد أن يقول لأحد من المخلوقين مولاي، وإن كان مملوكا، قد حظر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم على المملوكين، فكيف بالأحرار.

(1) لأن هذا الاسم من باب المضاف، ومقتضاه العبودية له، وصاحبه عبد لله متعبد بأمره ونهيه، فإدخال مملوكه تحت هذا الاسم يوهم التشريك؛ لأن حقيقة العبودية إنما يستحقها الله تعالى، ولأن فيها تعظيما لا يليق بالمخلوق. وعن أبي هريرة مرفوعا: " لا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، ولا يقول المملوك: رب وربتي، وليقل المالك: فتاي وفتاتي، وليقل المملوك: سيدي وسيدتي؛ فإنكم المملوكون والرب الله عز وجل "2. رواه أبو داود بإسناد صحيح. والعبيد عبيد الله والإماء إماء الله، {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} 3 ففي إطلاق هاتين الكلمتين على غير الله تشريك في اللفظ، فنهاهم عن ذلك تعظيما لله وأدبا معه، وبعدا عن الشرك، وتحقيقا للتوحيد.

(2) لأنها ليست دالة على الملك كدلالة عبدي وأمتي، وإن كان قد ملكه امتحانا وابتلاء من الله لخلقه، كما قال: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} 4. وقد امتحن الله يوسف بالرق ودانيال حين سباه بختنصر، وله الحكمة البالغة في ذلك، فأرشد - عليه الصلاة والسلام - إلى ما يؤدي المعنى مع السلامة من الإيهام والتعاظم، مع أنها تطلق على الحر والمملوك، لكن إضافته تدل على الإخلاص، ومن أحسن مقاصد الشريعة ما نهى عنه من هذه التسمية، لما فيها من رائحة الشرك، وإن كان لفظا لم يقصد معناه، وما أرشد إليه مما يقوم مقام تلك الألفاظ، حماية لجناب التوحيد، فلا خير إلا دل الأمة عليه خصوصا في تحقيق التوحيد، ولا شر إلا حذرها عنه خصوصا ما يقرب من الشرك، فصلوات الله وسلامه عليه، قال المصنف: ((وفيه التنبيه للمراد، وهو تحقيق التوحيد حتى في الألفاظ)) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015