. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

= فقال سراقة: ألعامنا هذا أم للأبد؟ فقال: " بل للأبد". وحديث: " افعلوا ما أمرتكم به، فلولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به " 1 في أحاديث. فلهذا قال ابن عباس -لما عارضوا الحديث برأي أبي بكر وعمر- ((يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء)) . الحديث. فإذا كان هذا قول ابن عباس في الخليفتين الراشدين، فكيف بمن ترك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول من هو دونهم؟ وقال الشافعي: ((أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد)) . وما زال العلماء يجتهدون في الوقائع، لكن إذا استبان لهم الدليل أخذوا به وتركوا اجتهادهم، وفي عصر الأئمة الأربعة إنما طلب الحديث ممن هو عنده باللقاء والسماع، ويسافر الرجل في طلب الحديث إلى الأمصار عدة سنين، ثم اعتنى الأئمة بالتصانيف، ودونوا الأحاديث، ورووها بأسانيدها، وبينوا صحيحها من حسنها من ضعيفها، وناسخها ومنسوخها، والفقهاء صنفوا في كل مذهب، وذكروا حجج المجتهدين، فسهل الأمر على طالب العلم، فعليه أن ينظر في مذاهب العلماء، وما استدل به كل إمام ويأخذ من أقوالهم ما دل عليه الدليل، إذا كان له ملكة يقتدر بها، كما قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} 2. وإذا لم يكن له ملكة، سأل أعلم من يجده؛ لقوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} 3. وفي كلام ابن عباس ما يدل على أنه من بلغه الدليل فلم يأخذ به تقليدا لإمامه فإنه يجب الإنكار عليه بالتغليظ؛ لمخالفة الدليل، وأجمع الأئمة على هذا، وأنه لا يسوغ التقليد إلا في مسائل الاجتهاد التي قد يخفى دليلها، فهذا هو الذي عناه العلماء بقولهم: لا إنكار في مسائل الاجتهاد، وأما من خالف الكتاب والسنة فيجب الرد عليه بالإجماع، وليس ما خالف الكتاب والسنة مذهبا لأحد من الأئمة، وهم أجل من أن يقال ذلك في حقهم، لتصريحهم بذلك، ونهيهم عن تقليدهم إذا استبانت السنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015