وإن كان في الساقة كان في الساقة (1) ، إن استأذن لم يؤذن له (2) ، وإن شفع لم يشفع (3) "1.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي وإن كان في آخر الجيش فهو فيها، يقلب نفسه في مصالح الجهاد، فكل مقام يقوم فيه سواء كان ليلا أو نهارا، رغبة في ثواب الله، وطلبا لمرضاته، ومحبة لطاعته. قال ابن الجوزي: المعنى أنه خامل الذكر، لا يقصد السمو، فأين اتفق له السير سار، فكأنه قال: إن كان في الحراسة استمر فيها، وإن كان في الساقة استمر فيها، وإنما ذكر الحراسة والساقة؛ لأنهما أشد مشقة. وفيه فضل الحراسة في سبيل الله، وأخرج أحمد وغيره عن عثمان مرفوعا: " حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها " 2.

(2) أي إن استأذن على الأمراء ونحوهم لم يؤذن له؛ لأنه لا جاه له عندهم ولا منزلة، ولأنه ليس من طلابها، وإنما يطلب ما عند الله، لا يقصد بعمله سواه.

(3) بفتح أوله وثانيه، أي لو ألجأ الحال إلى أن يشفع في أمر يحبه الله ورسوله لم يشفع بتشديد الفاء مبني للمفعول، أي لم تقبل شفاعته عند الأمراء ونحوهم، وهذه الأمور ونحوها لا تكون لهوان المؤمن على الله، بل لكرامته، وفيه فضل الخمول والتواضع وفضل الجهاد في سبيل الله. وعن أبي هريرة أن رجلا قال: " يا رسول الله علمني عملا أنال به ثواب المجاهدين في سبيل الله. فقال: هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر، وتصوم فلا تفطر؟ فقال: أنا أضعف من أن أستطيع ذلك، ثم قال: أما والذي نفسي بيده لو طوقت ذلك ما بلغت فضل المجاهدين في سبيل الله؛ إن فرس المجاهد في سبيل الله ليستن في طوله، فيكتسب له بذلك حسنات ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015