وقوله: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ} إلى قوله: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} 1 الآية (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

= في تجارة أو صناعة أو سفر أو غير ذلك، فهذه الثلاثة لا تستلزم التعظيم، ولا يؤاخذ أحد بها، ولا تزاحم المحبة المختصة، فلا يكون وجودها شركا في محبة الله، لكن لا بد أن يكون الله ورسوله أحب إليه من تلك. وأما المختصة فهي محبة العبودية، المستلزمة للذل والخضوع والتعظيم والطاعة والإيثار على مراد النفس، فهذه لا تصلح إلا لله وحده، ومتى أحب العبد بها غيره فقد أشرك الشرك الأكبر.

(1) أمر الله نبيه أن يتوعد من أحب هذه الأصناف فآثرها أو بعضها على حب الله ورسوله، وفعل ما أوجب الله عليه من الأعمال التي يحبها ويرضاها، كالهجرة والجهاد ونحو ذلك. وكانت نزلت في المسلمين الذين بمكة، لما أمروا بالهجرة قالوا: إن نحن هاجرنا ضاعت أموالنا، وذهبت تجارتنا، وخربت ديارنا وقطعنا أرحامنا، وكان منهم من يتعلق به أهله وولده، ويقولون: ننشدك بالله أن تضيعنا فيرق لهم ويدع الهجرة، فبدأ الله بالآباء والأبناء والإخوان، وكذا الأصدقاء ونحوهم، وزهدهم فيه، ثم قطع علائقهم عن زخارف الدنيا فقال: {وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا} أي اكتسبتموها، وأصل الإقتراف اقتطاع الشيء من مكانه إلى غيره،: {وَتِجَارَةٌ} أي أمتعة اشتريتموها للتجارة والربح: {تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا} بفوات وقت رواجها: {وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا} أي منازل تعجبكم الإقامة فيها: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ} أي إن كانت هذه الأشياء أحب إليكم: {مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ}

والمراد بالحب هنا الحب الاختياري المستتبع لأثره، الذي هو الملازمة وتقديم الطاعة، لا ميل الطبع؛ فإنه أمر جبلي لا يمكن تركه، ولا يؤاخذ العبد عليه، ولا يكلف بالامتناع منه. {فتربّصوا} أي انتظروا ماذا يحل بكم من عقابه. قال المصنف: ((وفيه الوعيد على من كانت الثمانية أحب إليه من دينه)) .

اهـ. وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} 2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015