وقول الله تعالى: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 1 (2) . وقوله: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} 2 الآية (3) .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) (ألا) أداة تنبيه، و (إنما) أداة حصر، أي إنما جاءهم الشؤم من قبله، قدره وقضاه عليهم بكفرهم وتكذيبهم بآياته ورسله، ردا لمقالة آل فرعون الكاذبة الباطلة، حيث قال الله تعالى عنهم: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ} أي الخصب والرخاء والسعة والعافية،: {قَالُوا لَنَا هَذِهِ} أي نحن الجديرون والحقيقون به، ونحن أهله،: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} بلاء وقحط،: {يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} 3 فيقولون: هذا بسبب موسى وأصحابه أصابنا بشؤمهم كما يقول المتطير لمن يتطير به، فأخبر سبحانه أن طائرهم عنده، فقال تعالى: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} ، أي ليس شؤمهم إلا عند الله، أي من قبله وحكمه الكوني القدري. قال ابن عباس: ((طائرهم ما قضي عليهم وقدر لهم)) . وقال الزجاج: ((الشؤم الذي وعدوا به من العقاب عنده، لا ما ينالهم في الدنيا)) .

(2) تسجيل على أكثرهم بالجهالة وعدم العلم، وأنهم لا يدرون، ولو فهموا وعقلوا لعلموا أن موسى ما جاء إلا بالخير والبركة والفلاح لمن آمن به واتبعه.

(3) وهذه الآية أيضا رد على من كذب الرسل، فأصيبوا بالبلاء، فإنهم لما ضاقت عليهم الحيل وعييت عليهم العلل، ادعوا أن سبب البلاء جاء من قبل الرسل وبسببهم، ف: {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} 4، فقالت لهم الرسل: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} أي سبب شؤمكم، أو حظكم وما نالكم من شر معكم بسبب أفعالكم وكفركم، لا من قبلنا كما تزعمون، ولا بسببنا بل ببغيكم وعدوانكم، وسوء عقيدتكم وقبح أعمالكم، فما وقع بكم من الشر فعملكم الخبيث سببه الجالب له، وذلك بقضاء الله وقدره وحكمته وعدله، ويحتمل أن يكون المعنى: {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} أي راجع عليكم، فالتطير الذي حصل =

طور بواسطة نورين ميديا © 2015