رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} 1 (2) ، وقول الله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} 2 (3) .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الإنذار الإعلام بأسباب المخافة، والتحذير منها، (أنذر) أي خوف يا محمد بالقرآن (الذين يخافون) يخشون (أن يحشروا) أي يجمعوا ويبعثوا إلى ربهم يوم القيامة، وهم المؤمنون المخلصون، أصحاب القلوب الحية الواعية الذين لم يتخذوا لهم من دون الله وليا ولا شفيعا، بل أخلصوا قصدهم وطلبهم وجميع أعمالهم لله وحده، ولم يلتفتوا إلى أحد سواه فيما يرون نفعه ويخافون ضره.

(2) أي لا قريب لهم، ولا شفيع يشفع فيهم من عذابه إذا أراده بهم. قال الزجاج: كل موضع (ليس) نصب على الحال، كأنه قال: متخلين من ولي وشفيع، والعامل فيه (يخافون) . وقال ابن كثير: ليس لهم يومئذ: {مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} 3 فيعملون في هذه الدار عملا ينجيهم الله به من عذاب يوم القيامة، ويتركون التعلق على الشفعاء وغيرهم؛ لأنه ينافي الإخلاص الذي لا يقبل الله من أحد عملا بدونه.

(3) اللام للملك، أي هي ملك لله تعالى، فليس لمن تطلب منه شيء منها، وإنما تطلب ممن يملكها دون ما سواه؛ لأن ذلك عبادة وتأله لا يصلح إلا له تعالى، وقال قبلها: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ} 4 فأخبر –سبحانه- أن وقوع الشفاعة على هذا الوجه منتف عقلا وشرعا، فقوله: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} 5 تقرير لبطلان اتخاذ الشفعاء من دونه؛ لأنه مالك الملك، فيجب اندراج ملك الشفاعة في ذلك، فإذا كان هو مالكها بطل أن تطلب ممن لا يملكها.

قال ابن جرير: نزلت لما قال الكفار: ما نعبد أوثاننا هذه إلا لتقربنا إلى الله زلفى، قال الله: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} 6. فتعلمون أن من طلبها من غير الله أنه خاسر السعي، وأنها غير حاصلة له؛ لأنه طلبها =

طور بواسطة نورين ميديا © 2015