باب قول الله تعالى: {أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون ولا يستطيعون لهم نصرا}

باب قول الله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً} (1) الآية 1.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أراد المصنف -رحمه الله- بهذه الترجمة الرد على كل مشرك كائنا من كان، وبيان حال المدعوين من دون الله، أنهم لا ينفعون ولا يضرون، سواء في ذلك الأنبياء والصالحون وغيرهم، وقوله: "أيشركون" استفهام إنكار وتوبيخ، وتعنيف للمشركين في عبادتهم مع الله من لا يخلق شيئا، وليس فيه ما يستحق به العبادة؛ فإنه إذا كان معبودهم لا يخلق شيئا بطلت عبادتهم له، وتقرر أن الخالق سبحانه هو المستحق للعبادة وحده، وقوله: "وهم يخلقون" أي ومن أشركوه مع الله في عبادته مخلوق، والمخلوق لا يستحق أن يكون شريكاً للخالق في العبادة التي خلقهم لها، وأخبر أنهم مع ذلك "لا يستطيعون لهم نصرا" أي لمن سألهم النصرة "ولا أنفسهم ينصرون" وهاتان الصفتان أبلغ مما قبلهما، أي فكيف يشركون به من لا يستطيع نصر عابديه، ولا نصر نفسه؟ وذلك برهان ظاهر قاطع ببطلان ما كانوا يعبدونه من دون الله، فإنه إذا كان المدعو لا يقدر أن ينصر نفسه فلأن لا ينصر غيره من باب الأولى، بل من هذه حاله فهو في غاية العجز، فكيف يكون إلها معبودا؟ فبطل تعلق المشركين بهذه البراهين، وهي كونهم لا يخلقون بل يخلقون، عبيد لمن خلقهم لعبادته، والعبد لا يكون معبودا، ولا قدرة لهم على نفع عابدهم، ولا على نفع أنفسهم، وخاب سعيهم، وظهر أنهم أخسر الناس صفقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015