[كتاب الرجعة]

كِتَابُ الرَّجْعَةِ هِيَ الرَّدُّ إلَى النِّكَاحِ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ بَائِنٍ فِي الْعِدَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي: (شَرْطُ الْمُرْتَجِعِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا، عَاقِلًا، فَلَا يَصِحُّ رَجْعَةُ مُرْتَدٍّ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ (وَلَوْ طَلَّقَ فَجُنَّ فَلِلْوَلِيِّ الرَّجْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ حَيْثُ لَهُ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ) بِأَنْ يَحْتَاجَ الْمَجْنُونُ إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي الرَّجْعَةِ فَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ كَالتَّوْكِيلِ فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ يُسْتَبَاحُ بِهِ مُحَرَّمٌ

(وَتَحْصُلُ) الرَّجْعَةُ (بِ رَاجَعْتُكِ وَرَجَّعْتُكِ وَارْتَجَعْتُكِ) وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ صَرِيحَةٌ وَيُسْتَحَبُّ الْإِضَافَةُ مَعَهَا كَأَنْ يَقُولَ: رَاجَعْتُكِ إلَيَّ، أَوْ إلَى نِكَاحِي (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الرَّدَّ وَالْإِمْسَاكَ)

ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الرَّجْعَةِ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.

وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْكَسْرُ أَكْثَرُ، وَأَصْلُهَا الْإِبَاحَةُ، وَتَعْتَرِيهَا أَحْكَامُ النِّكَاحِ، وَهِيَ لُغَةً الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ، وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَتُؤْخَذُ أَرْكَانُهَا الثَّلَاثَةُ مِمَّا ذَكَرَهُ: وَهِيَ صِيغَةٌ، وَمَحَلٌّ، وَمُرْتَجِعٌ، وَهِيَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ تَارَةً، وَكَدَوَامِهِ أُخْرَى، وَهَذَا أَكْثَرُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَالِغًا عَاقِلًا) شَمِلَ الْمُحْرِمَ وَالسَّفِيهَ وَالْعَبْدَ وَمُطَلِّقَ أَمَةٍ تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَالسَّكْرَانَ، وَيُشْتَرَطُ الِاخْتِيَارُ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (فَلَا تَصِحُّ رَجْعَةُ مُرْتَدٍّ) وَفَارَقَ الْمُحْرِمَ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُزِيلُ النِّكَاحَ.

قَوْلُهُ: (وَلَا صَبِيٍّ) أَيْ فَرْضًا أَوْ بِنَحْوِ وَكَالَةٍ، أَوْ بَعْدَ حُكْمِ حَاكِمٍ بِطَلَاقِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَلَّقَ فَجُنَّ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ وَلِيِّ الصَّبِيِّ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ، فَلَوْ وُجِدَ جَارٍ بِشَرْطِ الْمَصْلَحَةِ كَابْتِدَائِهِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا وُجُوبَ الرَّجْعَةِ لَهُ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَجِبُ لِإِمْكَانِ أَنْ يُزَوِّجَهُ غَيْرَهَا، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ فِيهِ غَرَامَةً لِصَدَاقٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ، وَالْوَلِيُّ مَمْنُوعٌ مِنْ مِثْلِهِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا طَرِيقَانِ: فَلَا يُنَاسِبُ تَعْبِيرُهُ بِالصَّحِيحِ

قَوْلُهُ: (بِ رَاجَعْتُكِ) وَلَوْ قَالَ لِلضَّرْبِ مَثَلًا إلَّا إنْ قَصَدَ الضَّرْبَ وَحْدَهُ فَلَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ.

قَوْلُهُ: (وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ صَرِيحَةٌ) وَمِثْلُهَا كُلُّ مَا اُشْتُقَّ مِنْ الرَّجْعَةِ كَأَنْتِ مُرَاجَعَةٌ، وَيَقُومُ مَقَامَ الضَّمِيرِ هَذِهِ أَوْ فُلَانَةُ وَلَوْ حَاضِرَةً فَلَا يَكْفِي رَاجَعْتُ فَقَطْ، وَهَلْ تَكْفِي الْإِضَافَةُ إلَى جُزْئِهَا.

قَوْلُهُ: (كَقَوْلِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُشْتَقُّ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْمَصَادِرَ كُلَّهَا كِنَايَاتٌ كَالطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ: (صَرِيحَانِ أَيْضًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ مَعَ شَرْطِ الرَّدِّ الْآتِي فِي كَلَامِهِ.

قَوْلُهُ: (لِوُرُودِهِمَا) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الصَّرَاحَةِ الْوُرُودُ بِاللَّفْظِ فِي الْكِتَابِ مُطْلَقًا، أَوْ بِالْمَعْنَى مَعَ الشُّهْرَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ.

قَوْلُهُ: (أَحَقُّ) أَيْ مُسْتَحِقُّونَ، إذْ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِمْ.

قَوْلُهُ: (لَا يَكُونُ صَرِيحًا) أَيْ فَهُوَ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ الَّذِي هُوَ الْأَجْنَبِيَّةُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الرَّجْعَةِ]

ِ هَلْ هِيَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ أَوْ كَدَوَامِهِ؟ قَالَ الشَّيْخَانِ: لَا يُطْلَقُ التَّرْجِيحُ بِشَيْءٍ لِاضْطِرَابِ فُرُوعِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَسَكَتُوا عَنْ سُنِّيَّتِهَا لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْحَالِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا صَبِيٍّ) أَيْ بِأَنْ يُوَكَّلَ فِيهِ مَثَلًا أَيْ فَالصَّبِيُّ لَا يُتَصَوَّرُ طَلَاقُهُ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) نُوقِشَ مِنْ وَجْهَيْنِ. الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُقَابِلَ بَحْثٌ لِلرَّافِعِيِّ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ غَيْرُ مُسَاعِدٍ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، فَإِنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ أَقْوَى مِنْ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ، لِأَنَّهُ بِالْوِلَايَةِ، فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ، وَإِنْ مَنَعْنَا التَّوْكِيلَ فِي الرَّجْعَةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: اعْتِبَارُ جَوَازِ الِابْتِدَاءِ، بَحَثَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَّجَهُ إذَا قُلْنَا الرَّجْعَةُ كَالِابْتِدَاءِ. فَإِنْ قُلْنَا: كَالدَّوَامِ قَدْ يُقَالُ: يُكْتَفَى بِالْمَصْلَحَةِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الِابْتِدَاءُ عَلَى الْحَاجَةِ، لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ يَلْزَمُ بِلَا خِلَافٍ، فَرُبَّ مَصْلَحَةٍ تَنْهَضُ بِالتَّسْوِيغِ فِي الدَّوَامِ دُونَ الِابْتِدَاءِ.

قَوْلُهُ: (صَرِيحَةٌ) أَيْ لِشُيُوعِهَا وَوُرُودِهَا فِي الْأَخْبَارِ. وَأَفْهَمَ الْإِسْنَادُ إلَى الضَّمِيرِ جَوَازَ الظَّاهِرِ بِالْأَوْلَى، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمَصَادِرُ كِنَايَةً كَنَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ الْخِلَافَ السَّابِقَ فِي صَرَاحَةِ الرَّدِّ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ هَذِهِ الصِّلَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، لَا يُقَالُ قَدْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْإِمَامِ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ، قُلْنَا لَعَلَّ الْإِمَامَ يَرَى أَنَّهُ صَرِيحٌ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ الصِّلَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015