قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} 1. فبين الله تعالى أن دعاء من لا يسمع ولا يستجيب شرك يكفر به المدعو يوم القيامة، أي: ينكره ويعادي من فعله، كما في آية الأحقاف {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} 2. فكل ميت أو غائب لا يسمع ولا يستجيب ولا ينفع ولا يضر. والصحابة رضي الله عنهم، لا سيما أهل السوابق منهم كالخلفاء الراشدين، لم ينقل عن أحد منهم ولا عن غيرهم أنهم أنزلوا حاجاتهم بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، حتى في أوقات الجدب.

كما وقع لعمر رضي الله عنه لما خرج ليستسقي بالناس خرج بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يستسقي لأنه حي حاضر يدعو ربه، فلو جاز أن يستسقى بأحد بعد وفاته لاستسقى عمر رضي الله عنه والسابقون الأولون بالنبي صلى الله عليه وسلم.

وبهذا يظهر الفرق بين الحي والميت، لأن المقصود من الحي دعاؤه إذا كان حاضرًا، فإنهم في الحقيقة إنما توجهوا إلى الله بطلب دعاء من يدعوه ويتضرع إليه، وهم كذلك يدعون ربهم، فمن تعدى المشروع إلى ما لا يشرع ضل وأضل. ولو كان دعاء الميت خيرًا لكان الصحابة إليه أسبق وعليه أحرص، وبهم أليق، وبحقه أعلم وأقوم. فمن تمسك بكتاب الله نجا، ومن تركه واعتمد على عقله، هلك. وبالله التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015