قال الْمصنِّف ـ رحمه الله تعالى ـ:

[57- باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه]

وقوله: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} 1.

وعن بريدة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا، فقال: اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا. وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال - أو خلال - فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم. ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين. فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله تعالى، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهما ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنْزلهم على حكم الله، فلا تنْزلهم، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري: أتصيب فيهم حكم الله أم لا؟ " 2. رواه مسلم.

فيه مسائل:

الأولى: الفرق بين ذمة الله وذمة نبيه وذمة المسلمين.

الثانية: الإرشاد إلى أقل الأمرين خطرًا.

الثالثة: قوله:"اغزوا باسم الله في سبيل الله".

الرابعة: قوله:"قاتلوا من كفر بالله".

الخامسة: قوله:"استعن بالله وقاتلهم".

السادسة: الفرق بين حكم الله وحكم العلماء.

السابعة: في كون الصحابي يحكم عند الحاجة، بحكم لا يدري: أيوافق حكم الله أم لا؟.

باب ما جاء في ذمة الله وذمة رسوله

قوله:"باب ما جاء في ذمة الله وذمة رسوله".

وقول الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} 3.

قال العماد ابن كثير: "وهذا مما يأمر الله تعالى به، وهو الوفاء بالعهود والمواثيق، والمحافظة على الأيمان المؤكدة. ولهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015