والطواغيت في رجاء مطالبهم من النصر والحفظ والرزق والشفاعة، فهذا شرك أكبر فإن هذه الأمور ونحوها لا يقدر عليها إلا الله تبارك وتعالى.

الثاني: التوكل في الأسباب الظاهرة العادية، كمن يتوكل على أمير أو سلطان، فيما جعله الله بيده من الرزق أو دفع الأذى ونحو ذلك. فهذا نوع شرك خفي، والوكالة الجائزة هي توكل الإنسان في فعل مقدور عليه. ولكن ليس له أن يتوكل عليه وإن وكله، بل يتوكل على الله ويعتمد عليه في تيسير ما وكله فيه كما قرره شيخ الإسلام.

قال: وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ... } 1 الآية.

قال ابن عباس في الآية: المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه، ولا يؤمنون بشيء من آيات الله، ولا يتوكلون على الله، ولا يصلون إذا غابوا، ولا يؤدون زكاة أموالهم، فأخبر الله أنهم ليسوا بمؤمنين، ثم وصف المؤمنين فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}

2. فأدوا فرائضه. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم. وهذه صفة المؤمن الذي إذا ذكر الله وجل قلبه، أي: خاف من الله ففعل أوامره، وترك زواجره، فإن وجل القلب من الله يستلزم القيام بفعل المأمور، وترك المحظور كما قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} 3. ولهذا قال السدي في قوله: {إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} 4. هو الرجل يريد أن يظلم، أو قال: يهم بمعصية، فيقال له: اتق الله فيجل قلبه. رواه ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم.

وقوله: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} 5. قد استدل الصحابة والتابعون ومن تبعهم بهذه الآية وأمثالها على زيادة الإيمان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015