نافع. وفي هذه الآية 1-إثبات أنه كلام الله تكلم به. قال ابن القيم: ونظيره {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} 1 وقوله: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} 2. 2-وإثبات علو الله سبحانه على خلقه، فإن النّزول والتنْزيل الذي تعقله العقول، وتعرفه الفطر هو وصول الشيء من أعلى إلى أسفل، ولا يرد عليه قوله: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} 3. لأنا نقول: إن الذي أنزلها من فوق سماواته قد أنزلها لنا بأمره. قال ابن القيم: وذكر التنْزيل مضافًا إلى ربوبيته للعالمين المستلزمة لملكه لهم، وتصرفه فيهم، وحكمه عليهم، وإحسانه وإنعامه عليهم، وأن من هذا شأنه مع الخلق كيف يليق به مع ربوبيته التامة أن يتركهم سدى، ويدعهم هملاً، ويخلقهم عبثًا، لا يأمرهم ولا ينهاهم، ولا يثيبهم ولا يعاقبهم؟! فمن أقر بأنه رب العالمين أقر بأن القرآن نزله على رسوله، واستدل بكونه رب العالمين على ثبوت رسالة رسوله وصحة ما جاء به. وهذا الاستدلال أقوى وأشرف من الاستدلال بالمعجزات والخوارق وإن كانت دلالتها أقرب إلى أذهان عموم الناس، وتلك إنما تكون لخواص العقلاء.

وقوله: {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ} 4 قال مجاهد: أي: أتريدون أن تمالؤوهم فيه وتركنوا إليهم. قال ابن القيم: ثم وبخهم سبحانه على وضعهم الأدهان في غير موضعه، وأنهم يداهنون فيما حقه أن يصدع به، ويفرق به، ويعض عليه بالنواجذ، وتثنى عليه الخناصر، وتعقد عليه القلوب والأفئدة، ويحارب ويسالم لأجله، ولا يلتوي عنه يمنة ولا يسرة، ولا يكون للقلب التفات إلى غيره، ولا محاكمة إلا إليه، ولا مخاصمة إلا به، ولا اهتداء في طرق المطالب العالية إلا بنوره، ولا شفاء إلا به. فهو روح الوجود، وحياة العالم، ومدار السعادة، وقائد الفلاح، وطريق النجاة، وسبيل الرشاد، ونور البصائر، فكيف تطلب المداهنة بما هذا شأنه؟! ولم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015