علم الغيب، لعلمه آدم الذي خلقه الله بيده، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء.

قوله: خلق الله هذه النجوم لثلاث. إلى آخره. هذا مأخوذ من القرآن في قوله تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ} 1. وقوله تعالى: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} 2. وفيه إشارة إلى أن النجوم في السماء الدنيا كما هو ظاهر الآية، وفيه حديث رواه ابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما السماء الدنيا، فإن الله خلقها من دخان، وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا، وزينها بمصابيح النجوم، وجعلها رجومًا للشياطين وحفظًا من كل شيطان رجيم".

وقوله: {وَعَلامَاتٍ} ، أي: دلالات على الجهات والبلدان ونحو ذلك يُهتدى بها بصيغة المجهول. أي: يهتدي بها الناس في ذلك كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} 3. وليس المراد: يهتدون بها في علم الغيب ولهذا قال: فمن تأول فيها [غير] ذلك، أي: زعم فيها غير ما ذكر الله تعالى في هذه الثلاث، فادعى بها علم الغيب، فقد أخطأ، أي: حيث تكلم رجمًا بالغيب وأضاع نصيبه، أي: حظه من عمره، لأنه اشتغل بما لا فائدة فيه، بل مضرة محضة، وتكلف ما لا علم له به، أي: تعاطى شيئًا لا يتصور علمه، لأن أخبار السماء، والأمور المغيبة لا تعلم إلا من طريق الكتاب والسنة، وليس فيهما أزيد مما تقدم. قال الداوودي: قول قتادة في النجوم حسن إلا قوله: أخطأ وأضاع نصيبه، فإنه قصر في ذلك، بل قائل ذلك كافر.

فإن قلت: إن المنجمين قد يصدقون بعض الأحيان.

قيل: صدقهم كصدق الكهان يصدقون مرة ويكذبون مائة، وليس في صدقهم مرة ما يدل على أن ذلك علم صحيح كالكهان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015