كقبورهم ومجالسهم، ومواضع صلاتهم للصلاة، والدعاء عندها، فإن ذلك من البدع، أنكره السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم. ولا نعلم أحدًا أجازه أو فعله إلا ابن عمر على وجه غير معروف عند عباد القبور، وهو إرادة التشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة فيما صلى فيه ونحو ذلك. ومع ذلك فلا نعلم أحدا وافقه عليه من الصحابة، بل خالفه أبوه وغيره، لئلا يفضي ذلك إلى اتخاذها أوثانا كما وقع. قال ابن عبد الباقي [الزّرقاني] في "شرح الموطأ" روى أشهب عن مالك أنه كره لذلك أن يدفن في المسجد قال: "وإذا منع من ذاك فسائر آثاره أحرى بذلك". وقد كره مالك طلب موضع شجرة بيعة الرضوان مخالفة لليهود والنصارى. انتهى.

قال ابن وضاح: سمعت عيسى بن يونس يقول: "أمر عمر بن الخطاب بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم فقطعها، لأن الناس كانوا يذهبون فيصلون تحتها، فخاف عليهم الفتنة". قال عيسى بن يونس: وهو عندنا من حديث ابن عون عن نافع: أن الناس كانوا يأتون الشجرة فقطعها عمر رضي الله عنه.

وقال "المعرور بن سويد: صليت مع عمر بن الخطاب في طريق مكة صلاة الصبح، فقرأ فيها: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} ، [الفيل: 1] ، و {لإِيلافِ قُرَيْشٍ} ، [قريش: 1] ، ثم رأى الناس يذهبون مذاهب فقال: أين يذهب هؤلاء؟ فقيل: يا أمير المؤمنين مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم يصلون فيه، فقال: إنما أهلك من كان قبلكم بمثل هذا، كانوا يتتبعون آثار أنبيائهم، ويتخذونها كنائس وبيعًا، فمن أدركته الصلاة في هذه المساجد فليصل، ومن لا فليمض ولا يتعمدها".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015