والمجاورون هناك فيهم شبه من العاكفين الذين قال فيهم إبراهيم الخليل عليه السلام: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} 1. والذين اجتاز بهم موسى عليه السلام وقومه؛ قال تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} 2. فالنذر لأولئك السدنة والمجاورين في هذه البقاع التي لا فضل للشريعة في المجاورة فيها نذر معصية، وفيه شبه من النذر للسدنة الصلبان المجاورين عندها، أو لسدنة الأبدال التي في الهند والمجاورين عندها، ثم هذا المال إذا صرفه في جنس تلك العبادة من المشروع مثل أن يصرفه في عمارة المساجد أو للصالحين من فقراء المسلمين، يستعينون بالمال على عبادة الله كان حسنًا.

وقد تقدم كلام ابن القيم في قوله: ويقولون إنها تقبل النذر، أي: تقبل العبادة من دون الله، فإن النذر عبادة. إلى آخره.

وقال الإمام الأذرعي " في شرح منهاج النووي": وأما النذر للمشاهد التي بنيت على قبر ولي أو شيخ، أو على اسم من حلها من الأولياء، أو تردد في تلك البقعة من الأنبياء والصالحين، فإن قصد الناذر بذلك وهو الغالب أو الواقع من قصود العاقد تعظيم البقعة والمشهد والزاوية، أو تعظيم من دفن بها أو نسبت إليه، أو بنيت على اسمه، فهذا النذر باطل غير منعقد، فإن معتقدهم أن لهذه الأماكن خصوصيات لأنفسها، ويرون أنها مما يدفع به البلاء، ويستجلب به النعماء، ويستشفى بالنذر لها من الأدواء، حتى إنهم ينذرون لبعض الأحجار لما قيل: إنه جلس إليها أو استند إليها عبد صالح، وينذرون لبعض القبور السرج والشموع والزيت، ويقولون: القبر الفلاني أو المكان الفلاني يقبل النذر، يعنون بذلك أنه يحصل به الغرض المأمول من شفاء مريض، وقدوم غائب، وسلامة مال، وغير ذلك من أنواع نذر المجازاة.

فهذا النذر على هذا الوجه باطل لا شك فيه، بل نذر الزيت والشمع ونحوهما للقبور باطل مطلقًا، من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015