أحدها: أنه حديث ساقط مرسل وأبو داود لم يشترط في مراسيله جمع المراسيل الصحيحة الإسناد، وقد ضعفه السيوطي وغيره.

الثاني: أنه اختلف في تفسير الجماجم، فقيل: هي البذر، ذكره العزيزي في "شرح الجامع". وقيل: الخشبة التي يكون في رأسها سكة الحرث، قاله أبو السعادات بن الأثير في " النهاية ". وقيل: هي جماجم رؤوس الحيوان ذكره العزيزي وغيره. وعلى هذا فقيل: أمر بجعلها لدفع الطير، ذكره العزيزي وغيره، وهذا هو الأقرب لو ثبت الحديث مع أنه باطل وقيل: بل لدفع العين، وفيه حديث ساقط أنه أمر بالجماجم في الزرع من أجل العين، وهو مع ذلك منقطع، ذكره السيوطي وغيره، وهذا المعنى هو الذي تعلق به أشباه المشركين ولا ريب أنه معنى باطل، لم يرده النبي صلى الله عليه وسلم لو كان الحديث صحيحًا، وكيف يريده وقد أمر بقطع الأوتار كما في " الصحيح ".

وقال: "من تعلق شيئًا وكل إليه" 1. وقال: "من تعلق ودعة فلا ودع الله له" 2 وكانوا يجعلون ذلك من أجل العين كما سيأتي، فهلا أرخص لهم فيه؟!

الثالث: أن هذا مضاد لدين الإسلام الذي بعث الله به رسله، فإنه تعالى إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب ليعبد وحده ولا يشرك به شيء، لا في العبادة ولا في الاعتقاد، وهذا من جنس فعل الجاهلية الذين يعتقدون البركة والنفع والضر فيما لم يجعل الله فيه شيئًا من ذلك، ويعلقون التمائم والودع ونحوهما على أنفسهم لدفع الأمراض والعين فيما زعموا.

فإن قيل: الفاعل لذلك لم يعتقد النفع فيه استقلالاً، فإن ذلك لله وحده، فهو النافع الضار، وإنما اعتقد أن الله جعله سببا كغيره من الأسباب. قيل: هذا باطل أيضًا، فإن الله لم يجعل ذلك سببًا أصلاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015