أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي} 1.

وقال تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون: {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ} 2 والآيات في هذا كثيرة تبين أن معنى " لا إله إلا الله " هو البراءة من عبادة ما سوى الله من الشفعاء والأنداد، وإفراد الله بالعبادة. فهذا هو الهدى، ودين الحق الذي أرسل الله به رسله، وأنزل به كتبه.

أما قول الإنسان: " لا إله إلا الله " من غير معرفة لمعناها، ولا عمل به، أو دعواه أنه من أهل التوحيد، وهو لا يعرف التوحيد، بل ربما يخلص لغير الله من عبادته من الدعاء والخوف والذبح والنذر والتوبة والإنابة وغير ذلك من أنواع العبادات، فلا يكفي في التوحيد، بل لا يكون إلا مشركًا والحالة هذه، كما هو شأن عباد القبور. ثم ذكر المصنف آيات تدل على هذا فقال: وقول الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} 3 الآية.

قلت: يبين معنى هذه الآية التي قبلها، وهي قوله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ... } 4 الآية.

قال ابن كثير: يقول تعالى: قل للمشركين ادعوا الذين زعمتم من دونه من الأنداد، وارغبوا إليهم، فإنهم لا يملكون كشف الضر عنكم، أي: بالكلية، ولا تحويلاً، أي: أن يحولوه إلى غيركم، والمعنى: إن الذي يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له.

قال العوفي عن ابن عباس في الآية: "كان أهل الشرك يقولون: نعبد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015