بالمجادلةِ والمُقاتَلةِ لمن عَدَلَ عن السبيلِ العادلة حيث يقولُ آمرًا وناهيًا لنبيه والمؤمنين لبيان ما يَرضاه منه ومنهم وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل 125] وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت 46]

فكان أئمةُ الإسلامِ مُتثلينَ لأمرِ المليكِ العلاَّم يُجادِلون أهلَ الأهواءِ المُضِلَّة حتى يَرُدُّوهُم إلى سَواءِ المِلَّة كَمُجَادلةِ ابنِ عباسٍ- رضي الله عنهما- للخوارج المارِقينَ حتى رجعَ كثيرٌ منهم إلى ما خرجَ عنه من الدين وكمناظرةِ كثير من السلف الأولين لِصُنوفِ المُبتدعةِ الماضين ومَن في قلبِه رَيْبٌ يُخالِفُ اليقينَ حتى هَدَى اللهُ مَن شاءَ من البشَر وعَلَنَ الحَقُّ وظَهَر ودَرَسَ ما أحدثَه المبتدعون وانْدَثَر

وكانوا يَتناظرون في الأحكام ومسائلِ الحلال والحرام بالأدلَّة المَرْضِيَّة والحُجَجِ القويَّة حتى كان قَلَّ مجلسٌ يجتمعون فيه إلاّ ظهَرَ الصواب ورَجَعَ راجعون إليه لاستدلال المستدلِّ بالصحيح من الدلائل وعِلْمِ المُنازع أن الزجوعَ إلى الحقّ خيرٌ من التَّمادِيْ في الباطل كمُجادلةِ الصِّدِّيَقِ لمن نَازَعَه في قتالِ مانِعِي الزكاةِ حتى رَجَعوا إليه ومُناظرتِهم في جَمْعِ المُصحفِ حتى اجتمعوا عليه وتَناظُرِهم في حَدِّ الشارب وجَاحِدِ التحريم حتى هُدُوا إلى الصراط المستقيم وهذا وأمثالُه يَجِلُّ عن العَدِّ والإحصاءِ فإنه أكثرُ من نُجومِ السماء

ثم صارَ المتأخرون بعد ذلك قد يَتناظرونَ من أنواع التأويلِ والقياس بما يُؤَثِّر في ظنِّ بعضِ الناس وإن كان عند التحقيقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015