الآية (102)

* * *

* قالَ اللهُ عَزَّ وَجلَّ {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 102].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} رَجْعَة إِلَى الدُّنيا {فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (لو) هنا للتمنِّي، و (نكون) جَوَابُه]، يعني: ليتَ لنا كَرَّة، أي رَجْعَة إِلَى الدنيا، (فَنَكُونَ) الفاء للسببيَّة، و (نكون) مَنْصُوبةً بأنْ مُضْمَرَةً بعدَ فاءِ السَّبَبيَّة بتقدُّمِ التمنِّي، ولهذا يقول: [(لو) هنا للتمنِّي و (نكون) جَوابه].

قال: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} يعني: ليتَ أنَّ لنا كَرَّة {فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ولم يقولوا: (ليتَ)؛ لِأَنَّ المَقامَ مَقَامُ تَذَلُّلٍ وخُضُوعٍ، و (لو) للتمنِّي أقلّ مِن (ليت)؛ لِأَنَّ (ليتَ) صَريحةُ الطَّلَب، و (لو) فيها نوعٌ منَ اللِّين والعرْض، مثلما تقول للإِنْسانِ الَّذِي تَتَمَنَّى أنْ يَزُورَكَ: (لو أنَّك تَزُورنا)؛ فإن (لو) هَذِهِ للتمنِّي بلا شكّ، لكنها تَمَنٍّ بلِينٍ وعَرْض ولُطفٍ، والمَقامُ هنا يَقتضيه؛ لِأَنَّهُم فِي مَقامِ ذُلٍّ - وَالْعِيَاذُ بِاللهِ - وخُضُوع، فلم يَقُولوا: لَيْتَنا نَرْجِع، ولكنهم يقولون: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

عَلَى أَنَّهُ فِي سُورةِ الأنعام يقولون: {يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: 27]، فيُقال: الجمعُ بينهما أن لهم حالاتٍ، فأحيانًا يقولون بهذا وأحيانًا يقولون بهذا، لكن أيُّهنُّ أوَّل؟ ليت أم لو؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015