الآيات (64 - 66)

* * *

* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ} [الشعراء: 64 - 66].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَأَزْلَفْنَا} قرّبنا {ثَمَّ} هناكَ {الْآخَرِينَ} فِرْعَوْن وقومَه حَتَّى سَلكُوا مَسَالِكَهُم]، الإزلافُ: بمَعْنى الإقرابِ، ومنه قوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الشعراء: 90]، أي: قُرِّبت.

وقوله: {ثَمَّ} أي: هناكَ عِندَ البَحْرِ. وقوله: {الْآخَرِينَ} يعني فِرْعَوْن وقومَهُ، قرّبهم اللهُ تعالى إِلَى البحرِ، فرَأَوْا هَذِهِ الطُّرُقَ مفتوحةً أمامهم، فما كَانَ منهم إلَّا أنْ دَخَلُوها؛ لِأَنَّها طُرُقٌ أمامَهم رَأَوْا مُوسَى وقومَه قد عَبَرُوا منها، فاتَّبَعُوهم، فلمَّا تكاملَ هَؤُلَاءِ داخلينَ وهَؤُلَاءِ خارجينَ، يقول الله تعالى: {وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ} يقول المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [بإخراجِهِمْ منَ البحرِ عَلَى هَيْئَتِهِ المذكورةِ]، وهذا إنجاءٌ من أعظمِ المِنَنِ، {ثُمَّ} بعد ذلك {أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ} يقول المُفسّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [فِرْعَوْن وقَوْمَه بإطباقِ البحرِ عليهم لما تمّ دُخُولهُم فِي البحرِ وخروج بني إِسْرَائِيل منه]، فانتقم اللهُ تعالى من فِرْعَوْن وقومِهِ، وأَغْرَقَهُم بالماءِ الَّذِي كَانَ يَفْخَرُ بِهِ فِرْعَوْنُ من قبلُ، فَإِنَّهُ كَانَ يقولُ لقومِهِ مُفْتَخِرًا: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الزخرف: 51]، فهو افتخر عَلَى قومه بأن الأنهارَ تَجْرِي من تحته، وهي ماءٌ، فأُغْرِقَ بما كَانَ يَفتخرُ به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015