سوى أبي جعفر، فإنه ضم الباء من الربّ، على وجه نداء المفرد، وغير الضحاك بن مزاحم، فإنه روي عنه أنه كان يقرأ ذلك: (رَبّي أَحْكَمُ) على وجه الخبر بأن الله أحكم بالحقّ من كل حاكم، فيثبت الياء في الربّ، ويهمز الألف من أحكم، ويرفع أحكم على أنه خبر للربُ تبارك وتعالى:

والصواب من القراءة عندنا في ذلك: وصل الباء من الرب وكسرها باحكم، وترك قطع الألف من احكم، على ما عليه قراء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء عليه وشذوذ ما خالفه. وأما الضحاك فإن في القراءة التي ذكرت عنه زيادة حرف على خط المصاحف، ولا ينبغي أن يزاد ذلك فيها، مع صحة معنى القراءة بترك زيادته، وقد زعم بعضهم أن معنى قوله (رب احكم بالحق) قل: ربّ احكم بحكمك الحقّ، ثم حذف الحكم الذي الحقّ نعت له، وأقيم الحقّ مقامه، ولذلك وجه، غير أن الذي قلناه أوضح وأشبه بما قاله أهل التأويل، فلذلك اخترناه.

وقوله (وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) يقول جلّ ثناؤه: وقل يا محمد: وربنا الذي يرحم عباده ويعمهم بنعمته، الذي أستعينه عليكم فيما تقولون وتصفون من قولكم لي فيما أتيتكم به من عند الله (هَلْ هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) وقولكم (بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ) وفي كذبكم على الله جلّ ثناؤه وقيلكم (اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا) فإنه هين عليه تغيير ذلك، وفصل ما بيني وبينكم بتعجيل العقوبة لكم على ما تصفون من ذلك.

آخر تفسير سورة الأنبياء عليهم السلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015