26

{26 - 40} {كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ * فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى * أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} .

يعظ تعالى عباده بذكر حال المحتضر عند السياق (?) ، وأنه إذا بلغت روحه التراقي، وهي العظام المكتنفة لثغرة النحر، فحينئذ يشتد الكرب، ويطلب كل وسيلة وسبب، يظن أن يحصل به الشفاء والراحة، ولهذا قال: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} أي: من يرقيه من الرقية لأنهم انقطعت آمالهم من الأسباب العادية، فلم يبق إلا الأسباب الإلهية (?) . ولكن القضاء والقدر، إذا حتم وجاء فلا مرد له، {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} للدنيا. {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} أي: اجتمعت الشدائد والتفت، وعظم الأمر وصعب الكرب، وأريد أن تخرج الروح التي ألفت البدن (?) ولم تزل معه، فتساق إلى الله تعالى، حتى يجازيها بأعمالها، ويقررها بفعالها.

فهذا الزجر، [الذي ذكره الله] يسوق القلوب إلى ما فيه نجاتها، ويزجرها عما فيه هلاكها. ولكن المعاند الذي (?) لا تنفع فيه الآيات، لا يزال مستمرا على بغيه وكفره وعناده.

{فَلا صَدَّقَ} أي: لا آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره {وَلا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ} بالحق في مقابلة التصديق، {وَتَوَلَّى} عن الأمر والنهي، هذا وهو مطمئن قلبه، غير خائف من ربه، بل يذهب {إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى} أي: ليس على باله شيء، توعده بقوله: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} وهذه كلمات وعيد، كررها لتكرير وعيده، ثم ذكر الإنسان بخلقه الأول، فقال: {أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} أي: معطلا (?) ، لا يؤمر ولا ينهى، ولا يثاب ولا يعاقب؟ هذا حسبان باطل وظن بالله بغير ما يليق بحكمته.

{أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ} بعد المني {عَلَقَةً} أي: دما، {فَخَلَقَ} الله منها الحيوان وسواه أي: أتقنه وأحكمه، {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ} الذي خلق الإنسان [وطوره إلى] هذه الأطوار المختلفة {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} بلى إنه على كل شيء قدير. تم تفسير سورة القيامة، ولله الحمد والمنة، وذلك في 16 صفر سنة 1344 (?) .

المجلد التاسع من تيسير الكريم الرحمن في تفسير القرآن لجامعه الفقير إلى الله: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي غفر الله له ولوالديه وللمسلمين آمين.

تفسير سورة هل أتى على

الإنسان وهي مكية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015