تفسير التستري (صفحة 19)

«اقرؤوا القرآن بلحون العرب من غير تكلف لغيرها، ولا تقرءوه بلحون أهل الكنائس والبيع وأهل الأهواء والبدع، فإني وأمتي الأتقياء براء من التكلف، وإنه سيأتي أقوام من بعدي يرجّعون فيه أصواتهم ترجع القينات بالأغاني، مفتونة قلوبهم فتانة لقلب السامع، أولئك هم الغافلون» (?) . قال سهل: وإني أخاف بعد ثلاثمائة إلى ما فوقها أن يندرس القرآن بالتشاغل بالألحان والقصائد والأغاني، قيل له: وكيف ذلك يا أبا محمد؟ فقال: لأنهم ما أحدثوا هذه الألحان والقصائد والأغاني إلّا للتكسّب بها، حتى ملك إبليس قلوبهم، كما ملك قلوب شعراء الجاهلية، وحرموا فهم القرآن والعمل لله به. وقد حكى محمد بن سوار عن ابن أبي ذئب (?) عن محمد بن عبد الرحمن (?) عن ثوبان (?) أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلّم يقول: «سماع الأغاني ينسي القرآن ويشغل عن الذكر» . قال أبو بكر: كان أبو سعيد الخراز (?) مقيما بمكة، وكان من أشد الناس محبة للسماع من قصائد الجذل وأشعار الغزل، فأخبرني غلامه أبو الأذنين أنه رآه بعد موته في المنام، وقال له: ما فعل الله بك يا أبا سعيد؟ فقال: غفر لي بعد توبيخ وددت أنه أمر بي إلى النار ولم يوبخني. فقلت له: ولم ذلك؟ قال: أوقفني الحق بين يديه من وراء حجاب الخوف، وقال لي: حملت أمري على ليلى وسعدى، ولولا أنك وقفت لي وقفة أردتني بها لأمرت بك إلى النار، فلما أن زال حجاب الخوف إلى حجاب الرضا قلت: يا إلهي لم أجد من يحمل عني ما حملتني غيرك فأشرت إليك، قال: صدقت، وأمر بي إلى الجنة، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015