6

{سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) }

{سَنُقْرِئُكَ} سَنُعَلِّمُكَ بِقِرَاءَةِ جِبْرِيلَ [عَلَيْكَ] (?) {فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} أَنْ تَنْسَاهُ، وَمَا نَسَخَ اللَّهُ تِلَاوَتَهُ مِنَ الْقُرْآنِ، كَمَا قَالَ: "مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا" (الْبَقَرَةِ -106) وَالْإِنْسَاءُ نَوْعٌ مِنَ النَّسْخِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَالْكَلْبِيُّ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمْ يَفْرُغْ مِنْ آخِرِ الْآيَةِ حَتَّى يَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَوَّلِهَا، مَخَافَةَ أَنْ يَنْسَاهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: "سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى" [فَلَمْ يَنْسَ بَعْدَ] (?) ذَلِكَ شَيْئًا (?) . {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ} مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ {وَمَا يَخْفَى} مِنْهُمَا، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَالْعَلَانِيَةَ.

{وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} قَالَ مُقَاتِلٌ: نُهَوِّنُ عَلَيْكَ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ -وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ -وَنُيَسِّرُكَ لِأَنْ تَعْمَلَ خَيْرًا. وَ"الْيُسْرَى" عَمَلُ الْخَيْرِ.

وَقِيلَ: نُوَفِّقُكَ لِلشَّرِيعَةِ الْيُسْرَى وَهِيَ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ.

وَقِيلَ: هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ مَعْنَاهُ: إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِمَّا تَقْرَؤُهُ عَلَى جِبْرِيلَ إِذَا فَرَغَ مِنَ التِّلَاوَةِ، "وَمَا يَخْفَى" مَا تَقْرَأُ فِي نَفْسِكَ مَخَافَةَ النِّسْيَانِ، ثُمَّ وَعَدَهُ فَقَالَ: {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} أَيْ نُهَوِّنُ عَلَيْكَ الْوَحْيَ حَتَّى تَحْفَظَهُ وَتَعْلَمَهُ.

{فَذَكِّرْ} عِظْ بِالْقُرْآنِ {إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} الْمَوْعِظَةُ وَالتَّذْكِيرُ. وَالْمَعْنَى: نَفَعَتْ أَوْ لَمْ تَنْفَعْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرِ الْحَالَةَ الثَّانِيَةَ، كَقَوْلِهِ: "سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ" وَأَرَادَ: الْحَرَّ وَالْبَرْدَ جَمِيعًا.

{سَيَذَّكَّرُ} يَتَّعِظُ {مَنْ يَخْشَى} اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.

{وَيَتَجَنَّبُهَا} أَيْ يَتَجَنَّبُ الذِّكْرَى وَيَتَبَاعَدُ عَنْهَا {الْأَشْقَى} الشَّقِيُّ فِي عِلْمِ اللَّهِ.

{الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى} الْعَظِيمَةَ وَالْفَظِيعَةَ، لِأَنَّهَا أَعْظَمُ وَأَشَدُّ حَرًّا مِنْ نَارِ الدُّنْيَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015