120

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الَّذِي أَخْتَارُهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: خَلَقَ فَرِيقًا لِرَحْمَتِهِ وَفَرِيقًا لِعَذَابِهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: وَلِلرَّحْمَةِ خَلَقَهُمْ، يَعْنِي الَّذِينَ رَحِمَهُمْ.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: خَلَقَ أَهْلَ الرَّحْمَةِ لِلرَّحْمَةِ، وَأَهْلَ الِاخْتِلَافِ لِلِاخْتِلَافِ.

وَحَاصِلُ (?) الْآيَةِ: أَنَّ أَهْلَ الْبَاطِلِ مُخْتَلِفُونَ، وَأَهْلَ الْحَقِّ مُتَّفِقُونَ، فَخَلَقَ اللَّهُ أَهْلَ الْحَقِّ لِلِاتِّفَاقِ، وَأَهْلَ الْبَاطِلِ لِلِاخْتِلَافِ.

{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} وَتَمَّ حُكْمُ رَبِّكَ، {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} .

{وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120) وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123) } .

{وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} مَعْنَاهُ: وَكُلُّ الَّذِي تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ، أَيْ: مِنْ أَخْبَارِهِمْ وَأَخْبَارِ أُمَمِهِمْ نَقُصُّهَا عَلَيْكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ، لِنَزِيدَكَ يَقِينًا وَنُقَوِّيَ قَلْبَكَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعَهَا كَانَ فِي ذَلِكَ تَقْوِيَةٌ لِقَلْبِهِ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى أَذَى قَوْمِهِ.

{وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ} قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: فِي هَذِهِ الدُّنْيَا.

وَقَالَ غَيْرُهُمَا: فِي هَذِهِ السُّورَةِ. وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ.

خَصَّ هَذِهِ السُّورَةَ تَشْرِيفًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَهُ الْحَقُّ فِي جَمِيعِ السُّوَرِ.

{وَمَوْعِظَةٌ} أَيْ: وَجَاءَتْكَ مَوْعِظَةٌ، {وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} .

{وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} أَمْرُ تَهْدِيدٍ وَوَعِيدٍ، {إِنَّا عَامِلُونَ} .

{وَانْتَظِرُوا} مَا يَحِلُّ بِنَا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، {إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} مَا يَحِلُّ بِكُمْ مِنْ نِقْمَةِ اللَّهِ.

{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} أَيْ: عِلْمُ مَا غَابَ عَنِ الْعِبَادِ فِيهِمَا، {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ} فِي الْمَعَادِ.

قَرَأَ نَافِعٌ وَحَفْصٌ: "يُرْجَعُ" بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ: أَيْ: يُرَدُّ. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ، أَيْ: يَعُودُ الْأَمْرُ كُلُّهُ إِلَيْهِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْخَلْقِ أَمْرٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015