فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرْضُ، وَلَكِنْ من نوقش في الحساب يهلك» .

وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ، يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَالْآدَمِيَّاتِ، مَسْرُوراً، بِمَا أُوتِيَ مِنَ الْخَيْرِ وَالْكَرَامَةِ.

وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (10) ، فَتُغَلُّ يَدُهُ الْيُمْنَى إِلَى عُنُقِهِ وَتُجْعَلُ يَدُهُ الشِّمَالُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، فَيُؤْتَى كِتَابَهُ بِشَمَالِهِ من رواء ظَهْرِهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تُخْلَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ.

فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (11) ، يُنَادِي بِالْوَيْلِ وَالْهَلَاكِ إِذَا قَرَأَ كِتَابَهُ يَقُولُ: يَا وَيْلَاهُ يَا ثُبُورَاهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً [الْفُرْقَانِ: 13] .

وَيَصْلى سَعِيراً (12) ، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ وعاصم وحمزة ويصلى بِفَتْحِ الْيَاءِ خَفِيفًا كَقَوْلِهِ:

يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى [الْأَعْلَى: 12] ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ كَقَوْلِهِ: وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) [الْوَاقِعَةِ: 94] ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) [الْحَاقَّةِ: 31] ، إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً (13) ، يَعْنِي فِي الدُّنْيَا بِاتِّبَاعِ هَوَاهُ وَرُكُوبِ شَهْوَتِهِ.

إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) ، أَنْ لَنْ يَرْجِعَ إِلَيْنَا وَلَنْ يُبْعَثَ.

ثُمَّ قَالَ: بَلى، أَيْ لَيْسَ كَمَا ظَنَّ بَلْ يَحُورُ إِلَيْنَا وَيُبْعَثُ، إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً [مِنْ يَوْمِ] [1] خَلَقَهُ إِلَى أَنْ بَعْثَهُ.

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) ، قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ النَّهَارُ كُلُّهُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَكْثَرُ المفسرين: هو الحمزة الَّتِي تَبْقَى فِي الْأُفُقِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. وَقَالَ قَوْمٌ:

هُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَعْقُبُ تِلْكَ الْحُمْرَةَ.

وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (17) ، أَيْ جَمَعَ وَضَمَّ يُقَالُ وَسَقْتُهُ أَسِقُهُ وَسْقَا أي جمعته واستوثقت الْإِبِلُ إِذَا اجْتَمَعَتْ وَانْضَمَّتْ، وَالْمَعْنَى: وَاللَّيْلِ وَمَا جَمَعَ وَضَمَّ مَا كَانَ بِالنَّهَارِ مُنْتَشِرًا مِنَ الدَّوَابِّ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّيْلَ إِذَا أَقْبَلَ أَوَى كُلُّ شَيْءٍ إِلَى مَأْوَاهُ. رَوَى مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ما لف وضم وَأَظْلَمَ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حيان: ما أَقْبَلَ مِنْ ظُلْمَةٍ أَوْ كَوْكَبٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَمَا عمل فيه.

[سورة الانشقاق (84) : الآيات 18 الى 25]

وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (19) فَما لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (21) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22)

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (24) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)

وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) ، اجْتَمَعَ وَاسْتَوَى وَتَمَّ نُورُهُ وَهُوَ فِي الْأَيْامِ الْبِيضِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: اسْتَدَارَ [2] وَهُوَ افْتَعَلَ مِنَ الْوَسْقِ الَّذِي هُوَ الْجَمْعُ.

لَتَرْكَبُنَّ، قَرَأَ أَهْلُ مَكَّةَ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ لَتَرْكَبُنَّ بِفَتْحِ الْبَاءِ، يَعْنِي لَتَرْكَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ، قَالَ الشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ: سَمَاءً بَعْدَ سَمَاءٍ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي تُصْعَدُ فِيهَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَرَجَةً بَعْدَ دَرَجَةٍ وَرُتْبَةً بَعْدَ رُتْبَةٍ فِي الْقُرْبِ مِنَ الله تعالى والرفعة [3] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015