إشارة قدسية تتضمن الالتزام؛ فكم من مرة عزمت وأبت المقادير، ونويت وعرضت امعاذير حتى لازمني رفيق التوفيق، وجاورني فناء بيت الله العتيق، وكحل عيني برؤية أهل الله، ونلت زوارف الفيض من بذل الله؛ أنار في أعشاب كبدي تلك الخامدة، وأدار في دار خلدي تلك الجامدة فاستخرت الله تعالى في الملتزم والمستجار حتى أُلقي في روعى أن لا ضرر ولا ضرار في ذاك الاتجار، ثم صرفت الهمة والعزيمة، وأحكمت النية والصريمة، ونهضت الجناح، وأجبت " حيَّ على الفلاح "، ورفضت غوائل الشواغل، ونفضت دوح الأوائل، فجنيت ثمرة طيبة الطعم والريح، وأحظيت -بحمد الله- بالقدح لا بالسفيح؛ فها قد تم تفسير لاح النور من خلاله، وفاح المسك من أذياله، قد حل عقد المغلقات بما قيد، وبيض وجه المشكلات بما سود، يموج رونق التحقيق في حواشيها، ويقول المتأمل اللبيب: لله دَرُّ واشيها، من مطالعه شمس أنوار التبيان قد طلعت، وأيم الله إنه مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، كتاب موفًّى فيه الحكمة والمعرفة، مصفًّى عن الاعتزال والفلسفة، في كل سطر حقائق استلفت أكثرها -بوجه حسن- عن السلف، ودقائق أبحتها من غير بخل على الخلف، تعرضت فيه لكلام السلف بوجه يعلم منه كيفية مطابقته مع الآية، وأعرضت عن محتملات لا تجانسه دراية، ولا تؤانسه رواية، لا تستصغر قدر نجمه لصغر حجمه؛ فإنك تراه من بعيد؛ وإنما هو بين الوشوح وحيد؛ وما ذلك كله إلا لأني وسمته لمن صناديد الخافقين عبيده إن قبل؛ بل أملاك الأفلاك جنوده لو سأل، الذي خلق الخلق له،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015