تفسير قوله تعالى: (وعليها وعلى الفلك تحملون)

ثم قال تعالى: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [المؤمنون:22]، وقال في آية أخرى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ} [النحل:7] والإنسان يركب الإبل منها خاصة دون غيرها.

والغرض: بيان أن بهيمة الأنعام التي خلقها الله عز وجل لعباده جعل لهم فيها الطعام والشراب، وأمرهم أن يشكروا هذه النعمة وأن يعبدوا الله، وحذر بعدها من الشرك بالله سبحانه وتعالى، ومن أن توجه هذه النعم لغير الله سبحانه.

وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في نصيحة يحيى بن زكريا عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام لبني إسرائيل في النصيحة التي أمره الله عز وجل أن يقوم فيها: أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً، وضرب لهم مثلاً في ذلك: فمثل الذي يشرك بالله كمثل رجل بنى بيتاً وجعل حانوتاً للعمل، واشترى أجيراً أو اشترى عبداً وقال: هذا بيتي، وهذا عملي تعمل هنا وتضع المال هنا، فيكون هذا العبد ملكاً لهذا السيد الذي بنى البيت والمحل وقال له: اشتغل في المحل والذي يأتي لك من هذا المال فاجعله في هذا البيت، فإذا بالعبد يعمل في محل هذا الرجل، ويعطي المال لغير سيده، أيكم يرضى أن يكون عبده كذلك؟ لا أحد يرضى بذلك، فإذا كان الإنسان لا يرضى لنفسه فكيف يرضى به لله سبحانه وتعالى؟! فهذا مثل الذي يشرك بالله.

فالله خلق لهم بهيمة الأنعام لينتفعوا بها، وأمرهم أن يشكروه الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {أَفَلا يَشْكُرُونَ * وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ} [يس:73 - 74] اتخذوا أنداداً من دون الله عز وجل لعلها تنصرهم، ونسوا أن الذي خلقهم ورزقهم هو الذي يقدر على هدايتهم ونصرهم، فالآيات فيها الدعوة إلى توحيد الله سبحانه، بأن تعرف أنه وحده هو الخالق، وهو وحده الذي يعبد لا شريك له.

نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015