تفسير قوله تعالى: (قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى)

فلما رجعوا إلى قومهم منذرين {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} [الأحقاف:30] وهذا كعادة القرآن في ذكر كتاب موسى وكتاب محمد صلى الله عليه وسلم، لأن كتاب موسى كان كتاب شريعة، وأما الإنجيل كتاب عيسى عليه الصلاة والسلام فلم يكن كتاب شريعة، وإنما كان كتاب حكم ومواعظ، وبشارة لمجيء النبي صلى الله عليه وسلم، وعندما يقال: العهد الجديد والعهد القديم فإن القديم هو التوراة التي فيها الشريعة.

فإذا قيل الكتاب الذي قبل القرآن فهو كتاب موسى عليه الصلاة والسلام الذي فيه التشريع من الله سبحانه وتعالى، فكأن الجن قالوا: هذا كتاب تشريع كما كان كتاب موسى كتاب تشريع.

وقوله تعالى: ((مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ)) أي: مصدقاً للكتب السابقة وما جاء فيها من التشريعات والعقائد، من قصص الأنبياء.

وقوله: ((يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ)) أي: يهدي إلى أمر الله عز وجل، وإلى الطريق المستقيم، وهو الطريق الموصل إلى جنة الله ورضوانه.

قال الله تعالى: ((يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ)) فالجن يطلبون من أقوامهم أن يستجيبوا للنبي صلى الله عليه وسلم، ويؤمنوا به، فإن فعلتم ذلك فالله يغفر لكم من ذنوبكم بفضله وكرمه، وبسبب استجابتكم، ولأن الإسلام يجب ما قبله كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: ((يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)).

نسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يجيرنا من عذابه سبحانه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015