تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم)

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج:77].

في قوله تعالى في آخر الآية السابقة: {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجُعُ الأُمُورُ} [الحج:76]، قراءتان: قراءة ابن عامر، ويعقوب، وحمزة، والكسائي وخلف: {وَإِلَى اللَّهِ تَرْجِعُ الأُمُورُ} [الحج:76] بالمبنى للمعلوم، وقراءة غيرهم: ((تُرجَع)) بالمبني للمجهول، والمعنى: أن الأمور مرجعها إلى الله سبحانه وتعالى، فكل أمر يفعله الإنسان مرجع ذلك إلى الله عز وجل، يجازي العبد على خيره بالخير والإحسان، وعلى شره بالعقوبة في النار أو يعفو عمن يشاء.

ثم أمر عباده بالركوع والسجود قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج:77].

(اركعوا واسجدوا)، إشارة إلى الصلاة، إذ إن ذلك من أفعالها، وأيضاً هذه آية من آيات السجدة في كتاب الله العزيز.

وهنا خصص الله وعمم، خصص الصلاة وهي من أهم العبادات، فبها تتعبد لربك سبحانه، وتصلح ما بينك وبينه، وتدعوه كل يوم، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6]، سبع عشرة مرة في صلاة الفريضة وغير ما تدعوه في صلاة النافلة في قراءتك لفاتحة الكتاب.

وقد قسم الله الصلاة بينه وبين عبده فقال الله في الحديث القدسي: (إذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2]، قال الله سبحانه: حمدني عبدي.

وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3]، قال: أثنى علي عبدي.

وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4]، قال: مجدني عبدي.

وإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل).

قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [الحج:77] أي: بكافة أنواع العبادة، ثم قال: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج:77] أي: لتتقربوا به إلى الله عز وجل سواءً كان الخير فرائض أو نوافل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015