تفسير قوله تعالى: (فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وإذا ما غضبوا هم يغفرون)

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

وقفنا في سورة الشورى عند قول الله سبحانه: {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى:36 - 37].

الإيمان بالله عز وجل والتوكل عليه من صفات الذين أعد الله عز وجل لهم في الدار الآخرة جنات تجري من تحتها الأنهار، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وهؤلاء اتصفوا بهذه الصفات التي أرضوا بها ربهم سبحانه وتعالى.

ومن صفاتهم أيضاً: اجتناب كبائر الإثم واجتناب الفواحش، والإنسان يستحيل ألا يقع في صغيرة؛ لأنه ليس معصوماً، وإنما المعصوم من اصطفاه الله عز وجل وجعله نبياً ورسولاً، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون) أي: كل إنسان يقع في المعصية، والمعصية تنقسم إلى صغائر وإلى كبائر، والكبائر منها الفواحش، وهي ما يفحش في طبع الإنسان، ويرى ذلك شيئاً فاحشاً عظيماً شديداً، وهو كبيرة كغيره، ولكن حين يسمع الإنسان عن هذا الفعل الذي يفعله فلان يستشعر بعظيم قبح هذا العمل الذي عمله، وإن كانت كل الكبائر قبيحة وكلها تمجها طباع المؤمنين، ولكن ما فحش منها كان أعظم.

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ} [الشورى:37] ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة عدد فيها بعضاً من هذه الكبائر، وهي كثيرة، فحين يذكر ثلاثاً من الكبائر ليس معناه أن هذه الثلاث هي الكبائر فقط، وحين يذكر سبعاً من الكبائر ليس معناه: أنه لا توجد غير هذه السبع، لكن المعنى: أن هذه كلها من الكبائر وبعضها أعظم من بعض، وأعظم وأفحش الكبائر التي يقع فيها الإنسان الشرك بالله سبحانه وتعالى، وكذلك السحر، إلى أخر ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أشياء أخرى غير ذلك.

ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم في الكبائر: (اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، والزنا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) فهذه من الكبائر التي يقع فيها الإنسان.

وذكر النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر: استحلال الكعبة، وعقوق الوالدين.

ويذكر القرآن لنا أشياء من الكبائر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015